خالد أحمد الطراح

 «مما لا شك فيه أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة تملي على دولها إيلاء مسألة اختلال التركيبة السكانية اهتماماً أكبر بعد الظروف الصعبة التي مرت بها المنطقة العربية وانعكاساتها على منطقة الخليج العربي. فاختلال التركيبة السكانية كان مطروحاً على الدوام ولم يزل، لكنه لا يجد الخطوات العملية اللازمة والكافية لمناقشات جادة تنتهي إلى تصورات واضحة تضع الحلول الملائمة»!


هذه المقدمة جاءت في دراسة بتاريخ 2017/3/12 لإدارة الدراسات السياسية والاقتصادية لوزارة الدولة لشؤون مجلس الامة. وما دفعني إلى تصفح دراسة خلل التركيبة السكانية هو الجدل الذي شهدته الساحة السياسية أخيراً، خصوصاً ما يتعلق بالتوجهات التي تؤيد التعديل على قانون الجنسية وأخرى رافضة!
تحقيقاً للحيادية تصفحت موقع وزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة، التي سبق أن تناولت أن وجودها من عدمه سيان، فهي وزارة ينبغي أن يتم دمجها وتقليص هيكلها أو إلغاؤها كلياً ترشيداً للإنفاق الحكومي، كما جاء في ما يسمى بوثيقة الإصلاح، انتهيت في مسعى لم يكن علمياً ولا مضنياً إلى قراءة للبحث السياسي على حد وصف الإدارة المعنية!
البحث يتضمن في مقدمته اعترافاً صريحاً «بغياب المناقشات الجادة لوضع الحلول الملائمة»، وهو أمر غير مستغرب على إدارة حكومية في مهب الريح اليوم، لكن جاء ضمن المقدمة للبحث المؤلف من 9 صفحات على أساس مصادر 4 صحف يومية محلية ومجلة المجتمع (مجلة المسلمين في العالم) كما ورد في البحث وإحصائيات وما يعرف برؤية الكويت 2035 الحالمة «أن خطر الإفرازات الراهنة والمقبلة يتطلب أداء مختلفاً من أصحاب القرار في تعاملهم مع الظاهرة التي باتت مؤرقة للكويت والكويتيين أكثر من أي وقت مضى»!
من هم أصحاب القرار الذي يفترض أن يكون لهم أداء مختلف؟
الإجابة ببساطة هي الحكومات المتعاقبة، فالحكومة وحدها التي تتحمل مسؤولية خلل التركيبة السكانية سنوات طويلة، والمعضلة ليست في «عمالة هامشية ووافدة أكبر عدداً من المواطنين وليست في تجار الإقامة»، كما جاء في الدراسة، فقط وإنما في تخريب للهوية الوطنية والمواطنة منذ السبعينات إلى جانب التسويف الحكومي في «معالجة أوضاع المقيمين بصورة غير شرعية»، وهي إحدى التوصيات الواردة في الدراسة!
دراسات علمية ومناشدات لنواب وكتاب منذ عشرات السنين حذرت من خلل التركيبة السكانية التي كانت كرة ثلج يوماً، وتحولت اليوم إلى قنبلة اجتماعية وسياسية من الممكن أن تقود إلى تفتيت المجتمع وإحداث انقسام لا تحمد عقباه!
الدراسة السكانية المتواضعة هي مؤشر على وجود أكثر من سلطة ضمن السلطة الحكومية، فالدراسات السياسية لوزارة مجلس الأمة تضمنت 3 دراسات في 2010 و3 أخرى في 2015، والدراسة اليتيمة لعام 2017، بينما قسم الدراسات الاقتصادية لم يتضمن أي دراسة، ربما لأننا على مشارف «كويت جديدة بعيون غير بصيرة»!
للعلم ان هناك أبحاثا علمية ورسائل دكتوراه عن التركيبة السكانية منذ افتتاح جامعة الكويت، لم تستفد منها أي جهة حكومية عملياً أو حتى نظرياً!
«الهون أبرك ما يكون» ليس حلاً لتعقيدات اليوم!
***
شكراً لوزارة الداخلية لردها في 2017/4/6 على مقالي بعنوان «تقصير العدالة الناجزة»، وإن جاء إنشائي المضمون ومتأخراً بعد ما يزيد على شهر من تاريخ نشر المقال وعدم الرد بشكل قاطع بشأن إضافة خدمة منع السفر لخدمات الرسائل النصية أو انتظار تنفيذ «استراتيجية مواكبة آخر أساليب التكنولوجيا الحديثة»!
بالمناسبة، نتمنى على الوزارة نقل قسم التدريب للإدارة العامة لنظم المعلومات من منطقة اليرموك إلى موقع آخر حتى يتمكن مخفر المنطقة والمواطنون أيضاً من استغلال ساحة المواقف بدلاً من الوقوف على نواصي الشوارع فهي مخالفة مرورية بحد ذاتها!