زهير فهد الحارثي

كان محقا الأمير محمد بن سلمان وهو يصف المشهد السياسي في المنطقة والتحولات التي طرأت عليه خلال العام الأخير. وفي هذا السياق أيضا يمكن استيعاب مضامين حديثه لمشايخ القبائل اليمنية الذي كان لافتا. اللقاء جاء ليؤكد عمق الروابط الأخوية ما بين البلدين، ومكانة اليمن التاريخية لدى السعوديين، وما يحملونه في قلوبهم تجاه اليمن الذي وصفه الأمير "بالعمق الاستراتيجي للأمة العربية"، وانه عمق وأساس وأصل العرب مؤكدا "ان جذورنا وكل أعراقنا ترجع في الأخير لليمن".

معانٍ قوية، ورسائل واضحة، ومشاعر صادقة، كلها رشحت عن الاجتماع، وكانت خطوة مفصلية ومطلوبة لقطع الطريق على ما يبثه المتربصون والحاقدون والطامعون. لم تنجح البروباغاندا المعادية لمشروع التحالف رغم المحاولات والفبركات والاساءات. كانت الرسالة عميقة ومباشرة: تكريس اللُحمة الشعبية، ورفض شرعنة الانقلاب.

كانت عاصفة الحزم حاسمة ومباغتة ومباشرة.. جاءت في قالب شرعي وقانوني ومرجعية دولية استناداً على ميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية، ضربة ناجحة أعادت الثقة للشعب اليمني بعد شعوره بالخذلان والقلق..

لا تكتمل أركان الدولة في اليمن إلا بركيزة رئيسية هي القبائل. من يعرف تركيبة المجتمع وبناء الدولة في اليمن السعيد يعلم علم اليقين ان المشايخ هم من يوجهون البوصلة وهم من يوقفونها. القبائل هم الأرضية والأساس لنجاح أي مشروع سياسي، أو اقتصادي، أو عسكري في اليمن والعكس صحيح.

الرهان الحقيقي على دور القبائل أمر لا جدال فيه، وهم من يُرسخ مكانة الشرعية، وكانوا ولا زالوا الجدار الصلب تجاه محاولات الحوثي وصالح، وهم خط دفاع كما فعلوا في شبوة، ومأرب، والبيضاء، وحضرموت. صور بطولية لأبناء القبائل رسموها في ميادين الحرب والشرف والبطولة.

الأمير أشار أيضا إلى نقطة مهمة قائلاً إن "أكبر خطأ قام به العدو أنه يحاول المس في عمق وصلب العرب، جمهورية اليمن الشقيقة، وذلك ما دعا كل العالم العربي لأن يستنفر لما يحدث في اليمن، وانقلبت الطاولة في السنة ونصف الأخيرة، ليس فقط في اليمن، بل في كل العالم العربي والإسلامي، بسبب أنهم ارتكبوا خطأ، أنهم لمسوا وفكروا أن يلمسوا عمق العرب، دولة اليمن".

لم يسمّ الأمير العدو ولكن المقصود يعرفه الجميع، ولذا عليك أن تتأمل عاصفة الحزم لتعرف انها أنقذت اليمن من الانهيار، وحمت الشرعية من الاختطاف الميليشاوي، وحققت التوازن للإقليم، وأحبطت المشروع التوسعي الفارسي، وأعادت الهيبة للعرب بالاعتماد على الذات. كان يقصد ان التراجع والتقهقهر والارتباك الذي أصاب قوى إقليمية في المنطقة بات ملموساً ومكشوفاً والذي جاء نتيجة لسياستها العدوانية.

كانت عاصفة الحزم حاسمة ومباغتة ومباشرة. جاءت في قالب شرعي وقانوني ومرجعية دولية استنادا على ميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية. ضربة ناجحة أعادت الثقة للشعب اليمني بعد شعوره بالخذلان والقلق.

عنوانها في تقديري أكبر من مجرد تدخل عسكري لردع ميليشيا متمردة اختطفت دولة، وانقلبت على الشرعية. عاصفة بنمطية خاصة حيث الصلابة، والحسم، وأعادت اتجاه البوصلة لمكانها الطبيعي، وحققت توازناً في موازين القوى سواء في الداخل اليمني، أو في البعد الإقليمي. الحرب أربكت حسابات الحوثي، وبعثرت مخططات طهران، وحفظت كرامة العرب، ونفضت عنهم الغبار، ونسفت أحلام الظهيرة لمشروعات التمدد والعبث الفارسي الإيراني.

المشروع الفارسي بدأ ينهار في العواصم العربية الاربع، في خلال السنة والنصف الاخيرة كما ألمح الأمير محمد، ورهانات طهران باءت بالفشل، ويبقى الرهان على التفاعل القبلي الشعبي في الداخل اليمني لمواجهة الأعداء، والاستفادة من الغطاء الشرعي للتحالف بتشكيل اصطفاف وطني خلف الشرعية ليتم استعادة الدولة ومؤسساتها ممن استولوا عليها.

لقاء الأمير بمشايخ القبائل اليمنية أسّس لحوار مهم يدفع باتجاه الخروج من نفق الأزمات، لاسيما في ظل غياب مشروع وطني يمكن الارتهان له، ما يعني تشكيل حاضنة شعبية تقف جنبا إلى جنب دعما للشرعية، ورفضا لكل ترتيبات الانقلاب.

تحالف القبيلة اليمنية مع التحالف العربي هي المعادلة الكفيلة لحماية اليمن، وتقدير المشايخ لمساندة السعودية وشكرهم لمواقفها، ورفضهم كل الأعمال الانقلابية، ودعمهم للشرعية اليمنية هو أكبر رد على الحملات المغرضة، وأجدى وسيلة لإحباط مخططات المتربصين.