حمد الكعبي

لم يرق لحزب «الإصلاح» الإرهابي أن يرى سكان جزيرة سقطرى اليمنية يعيشون في سلام وأمان، فهم غير عابئين بإنسانيتهم ولا مكترثين بأحوالهم، مستثمرين عزلتهم وضعفهم، داعمين تهميشهم لرفع قاعدتهم الجماهيرية، وضمان حضورهم القوي بما يحمي مصالحهم ويضمن لهم السيطرة على ممر مهم للملاحة العالمية. ومنذ عدة أعوام وسكان جزيرة سقطرى اليمنية يعانون من ويلات الإرهاب الذي لا يريد للجزيرة أن تستقر، منتهزين فرص غياب الخدمات وانشغال الدولة بالصراعات، إلى أن فاقمت الحرب من معاناتهم حتى وجدوا أنفسهم في عزلة تامة عن العالم الخارجي. وفي خضم الانشغال بحرب استعادة الشرعية والأخطار المحدقة بباب المندب، متنفس التجارة العالمية، انشغل العالم بتداعيات الإعصار الذي ضرب الأرخبيل اليمني في أواخر عام 2015 وتسبب في دمار. ولم يكن هناك من يكترث بإغاثة المتضررين من الإعصار الذي ضاعف معاناتهم، بل بالعكس قاموا إما بعرقلة وصول المساعدات بالتشويش تارة والاستيلاء عليها تارة أخرى، فقد وجدوا من النهب تجارة رائجة، كما أن عملية البناء والتنمية معول هدم لمخططاتهم لبسط نفوذهم وسيطرتهم على الجزيرة.

وفي الوقت الذي كانت فيه نيران الحرب تشتعل في كل الاتجاهات، كانت قوافل المساعدات الإماراتية تجوب وتجول كل المحافظات والمدن والقرى، في سياق المشروع الإنساني الذي تنفذه الإمارات في العديد من المحافظات اليمنية التي تضررت مباشرة جراء الحرب مثل عدن وأبين ولحج والمخا أو تلك التي انعكست عليها آثار الحرب اقتصادياً وإنسانياً. ووصلت تلك المساعدات إلى قلب سقطرى المكلومة، وقامت الإمارات عقب إعصاري «تشابالا» في نوفمبر 2015 بتسيير جسر جوي إغاثي إلى سقطرى لنقل كميات كبيرة من المساعدات الغذائية. ولم تقف المساعدات عند ترميم ما تسبب فيه الإعصار بل يتواصل الدعم الإماراتي للجزيرة وسكانها حتى اليوم، لمحافظة أرخبيل سقطرى في صورة برنامج متكامل لتنمية الجزيرة بدءاً من إعادة تأهيل المرافق الخدمية فيها، وصولاً إلى بناء المنازل للسكان الذين تدمّرت مساكنهم، من ذلك إطلاق مشروع (مدينة زايد 1 السكنية) بمنطقة «ستروه» جنوب جزيرة سقطرى المخصصة لأبناء المنطقة المتضررين من الأعاصير، وكل ذلك وفقاً لسيادة الدولة اليمنية، وعملاً بما تفرضه القوانين والمواثيق الدولية.

وعملت الإمارات بتعزيز جهود التنمية والإعمار في الجزيرة ممثلة بهيئاتها الخيرية التي نثرت الخير وزرعت بذور التنمية ووضعت لبنات المرافق الحيوية والخدمات الأساسية والبنى التحتية التي تضمن عيشاً كريماً لسكان الجزيرة. بالإضافة إلى تنفيذ المشاريع التنموية المستدامة في المجالات السكنية والصحية والتعليمية وخدمات الكهرباء والمياه ودعم الصيادين والمزارعين ومدهم بالأدوات اللازمة، وإعادة الأمل لأكثر من 100 ألف نسمة الذين تأثروا بأوضاع سيئة بسبب الأعاصير التي أثرت مباشرة على السكان ومرافق الجزيرة الحيوية. علاوة على دعم القطاع الصحي في سقطرى وبناء وتجهيز وتشغيل مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وهو المستشفى الوحيد الذي يقدم الخدمات الطبية لسكان الجزيرة. ولم يقتصر الدعم الإماراتي على إعادة تأهيل الخدمات، بل وصل إلى مستوى التدريب والتأهيل البشري، وتمكين سكان الجزيرة من إدارة شؤونهم وحفظ أمنهم وتشغيل مرافقهم. هذه المساعدات الإماراتية وغيرها الكثير لم تناسب حزب «الإصلاح» في عدن وسقطرى، مثلما لا يناسب «الحوثيين» ما يتم من مساعدات وعمليات إغاثة في مناطق استولوا عليها.. هم مثل «الحوثيين» تماماً، وعناصر «داعش» و«القاعدة» هم ضد أي تطور للإنسان بشكل عام، نتيجة عقيدتهم المتطرفة التي تريد إرجاع المجتمعات إلى القرون الوسطى والعيش بمنطق الغاب.