خالد أحمد الطراح 

شهدت مدينة كنت البريطانية في أواخر شهر أغسطس 2016 حادث تصادم أدى إلى انهيار جسر رئيسي من الكونكريت، ووقوع بعض الضحايا والفوضى، تزامنا مع بداية عطلة المصارف ونهاية الأسبوع، لكن سرعان ما تم احتواء الحادث أمنيا، وضمان سلامة مرتادي المنطقة المحاذية للجسر.


وأنا أتابع الخبر وتداعياته، فرضت صورة شوارع الكويت نفسها أمامي، والجسور منها ما تم إنشاؤه وانتهى عمره الافتراضي، وجرى تدعيمه بعواميد حديدية تفاديا لأي انهيار محتمل، بدلا من إيجاد حل جذري، فيما تطلق وزارة الأشغال العامة تصريحات حول نسبة الإنجاز في أعمال إنشائية لجسور ما زالت قيد الإنشاء منذ سنوات، فيما يتزايد تطاير الحصى في الشوارع وتتضرر المركبات بسبب ذلك، علاوة على ازدحام مروري شديد بسبب سوء التخطيط.
في محاولة لتبرير ما نشهده من أخطاء في ميادين الحياة الرئيسية، كالميدان الطبي والكهربائي والمروري والخدماتي، خرج علينا مصطلح «أخطاء عالمية»، فانقطاع التيار الكهربائي صيفا وشتاء، والأخطاء الطبية التي أدت إلى حالات وفاة، علاوة على الازدحام المروري ظاهرة دولية أو أخطاء عالمية!
حادث انهيار جسر مدينة كنت، تمنيت ألا ينتشر الخبر عند الإدارة الحكومية خوفا من أن يتم استخدام الحادث لتبرير، لا سمح الله، أي انهيار لجسر بسبب أن مثل هذه الحوادث محتملة حتى في الدول المتقدمة مثل بريطانيا، إضافة إلى تعزيز القناعة الرسمية بأن كل ما يحدث عندنا هو جزء من أخطاء عالمية، وليس بسبب سوء الإدارة والتخطيط!
الكويت أصبحت موطنا للأخطاء العالمية والتناقض، فما كدنا أن نفرح بإنشاء هيئة مكافحة الفساد وليس الإنجاز حتى تم إبطال قانون إنشائها دستوريا، واليوم هيئة مكافحة الفساد تئن من مخالفات وصراعات داخلية وفقا لبيانات رسمية، فيما يستمر دفع رواتب ومزايا مجلس أمناء الهيئة ورئيسها، وقانون الإنشاء يترنح بين صحته من عدمه، ووزير العدل يشتكي الحال لنواب الأمة، فيما يتعلق بقانون هيئة الفساد وعدم صحة مسار عملها!
الاختلاف بين ما يحصل في العالم من حوادث وأخطاء وبيننا طبيعة الإجراءات، التي يتم اتخاذها، بدءاً من قرارات إنشاء الهيئات ومؤسسات، لها أثر سلبي مباشر في تضخم الجهاز الحكومي والميزانية العامة، فيما يتم اللجوء إلى «العالمية» حين تقع الأخطاء أو تبرز البراهين على سوء التخطيط، فالحوادث والأخطاء يعلقونها على مشجب «العالمية»، بسبب سوء الإدارة وصرامة الإجراءات وضعف الأدوات الرقابية، التي تتيح فرصا للالتفاف على القرارات والسياسات، بينما يتم غض النظر عن مصادر الأخطاء والمتسبب، فمن الصعب عندنا معاقبة المتسببين، حتى لو توافرت المعلومات والأدلة ضد مصادر الفاسدين والعابثين في المال العام، فهي ممارسة كويتية المنشأ، وأخشى أن تتحول إلى شكل من أشكال الموروث التاريخي!
أخطاء وتضارب في القرارات والسياسات وسرقة تلو الأخرى، وكلها من الوزن الثقيل، بينما التعلم من كوارث الفساد من الدروس الصعبة للغاية، فقد أصبحنا موطنا للأخطاء العالمية والتناقضات السياسية، والمساءلة والتصحيح ليسا من نصيبنا!
من أكثر بلدان العالم في عدد الأجهزة الرقابية هي الكويت، بينما سجلت نسبة انتشار الفساد أرقاما فلكية، «وتراجعا مفزعا عالميا وعربيا وخليجيا» على مستوى الفساد والديموقراطية أيضا!
لغز كويتي شفرته عند الحكومة فقط!