عبدالله بن بخيت

قد يبدو السؤال غير ذي معنى. كلنا نرى أن تنظيم داعش يحتضر. لم يبق منه سوى فلول تختنق وتعرف أنها لا محالة مهزومة ومحرومة حتى من حق الاستسلام أو الفرار. طالت حياتهم في الرقة والموصل لأن مصيرهم الوحيد القتال حتى الموت.

داعش لم يأت إلى الرقة لينتصر. كل ما جرى في سورية والعراق مجرد رمز أو تعبير أو نموذج أو حتى غثيان.. سمه ما شئت.

من هو داعش؟ جرح مسموم في جسد الحضارة الإنسانية سيدمي المسلمين وحدهم إذا لم ينزعوا الناب.

الإنسان يتقدم باستمرار.. يتوقف هنا وهناك ولكنه يعاود المسير.. تعترضه عراقيل كثيرة: الخرافات والعادات البالية والأفكار المحتضرة ولكنه يسير.. انظر إلى الإنسان قبل مئة سنة وانظر إليه الآن. لكن قبل أن تضيف نفسك للفخورين بهذا التقدم اسأل نفسك من قاد هذا التغيير وصنعه (من الألف إلى الياء).

انظر إلى كل ما بين يديك وفي حياتك من اختراعات وامكانيات وحلول وتطلعات وآمال. ليس للمسلمين أي شأن فيه. كل ما أصاب العالم من إرهاب أصاب المسلمين وحدهم، وكل رذاذ منه يصيب الغرب يصبح مصدر تحريض على مزيد من القوة.

مصيبة الإرهاب الذي حل بالعالم زادنا قيودا وفوضى، وحرض الغرب على ابتكار عشرات الاختراعات والأنظمة والقوانين ومضى في طريق التقدم لا يلوي على شيء.

الفرق بين الغرب وبين الدول الإسلامية أن الإرهاب لا علاقة له بنسيج الثقافة الغربية، كما هي حالة مع الدول الإسلامية. تجاوز الغرب الفكر المنتج لداعش منذ قرون.

نردد مزهوين أن الإرهاب لا دين له. إذا عرفنا كيف نتجاوز هذه العبارة سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة خطونا خطوة كبرى نحو الوعي بالذات. ننتقل من البحث عن شركاء في التهم إلى تحمل المسؤولية. ما الذي يهمنا من إرهاب الآخرين. إرهاب مسيحي أو بوذي أو شيوعي. ليس من واجبنا السعي لإثبات أن الإرهاب ظاهرة تشمل كل الأديان، واجبنا الوحيد التصدي للإرهاب الذي تنتجه ثقافتنا فقط. نحن مسؤولون عن إرهابنا لا إرهاب الآخرين. علينا أن نضع حدا لتنازلاتنا لحركة طالبان، وجهيمان، والإخوان، والمحاكم في الصومال، والخميني في إيران. نبحث عن مصادر علاج أخرى غير المصل الذي نتجرعه كل عقد من ناب نفس الثعبان.

سيعاود داعش الكرة مرة أخرى ومرات إذا لم تكف بعض الدول الإسلامية عن تقديم تنازلات على حساب المستقبل والحريات والحقوق والمرأة.