ريل كلير وورلد 

صحيح أننا نجهل ما إذا كان «داعش» سيبني خلافة أخرى عقب خسارته لما أسسه في العراق وسورية، إلا أن ترويج هذا التنظيم لذلك البلد كعنصر مهم في علامته المميزة يعزز احتمال أن يحاول «داعش» على الأقل إعادة بسط سيطرته على أراضٍ باسم الدين.

بينما تحتدم الحملة العسكرية لاستعادة الرقة مع وصول القوات الأميركية إلى سورية وتبلغ المعركة في مدينة الموصل العراقية مراحلها الأخيرة، يبدو تفكك خلافة تنظيم «داعش» المزعومة محتماً.

لكن العالم الغربي يجهل عموماً أن عدداً من قادة «داعش» يعتبرون الكتيب The Management of Savagery: Most Critical Stage Through Which the Umma Will Pass (إدارة الوحشية: المرحلة الأكثر دقة التي ستمر بها الأمة) «جزءاً من نهج التنظيم»، وُضع هذا الكتاب الذي نُشر على شبكة الإنترنت عام 2004 تحت الاسم المستعار أبو بكر الناجي، لتنظيم القاعدة بادئ الأمر، إلا أن الزعيم أيمن الظواهري رفضه لأنه شديد التطرف.

يُعتبر Management of Savagery مثيراً للاهتمام لأنه يشبه خطة عسكرية شاملة أكثر منه إطاراً عاماً لعقيدة إسلامية محددة، ويعرض هذا الكتيب سلسلة من الحملات العسكرية التي تهدف في نهاية المطاف إلى إعادة إرساء الخلافة وتأسيس الدولة الإسلامية. أولاً «في مرحلة قوة الإزعاج والإنهاك»، يوصي المجاهدين بإنهاك الدولة المختارة والإطاحة بالسلطات الحاكمة، ناشرين «الأعمال الوحشية والفوضى» بغية إرغام المجتمع المستهدف «على التخبط وسط غياب الأمن». ثانياً، يصف في «مرحلة إدارة الوحشية» «إدارة» المقاتلين المناطق التي تعمها الأعمال الوحشية. وإذا نجحت هذه الخطوة، تتيح لهم ترسيخ سيطرتهم في مختلف أرجاء المنطقة التي غزوها.

تشكّل أفغانستان هدفاً بالغ الأهمية لأن اللاعبين المحليين أتموا غاية مرحلة «الإزعاج والإنهاك» الأولى نيابة عن «داعش». تعاود حركة طالبان النهوض في أفغانستان، ومع أن الوجود العسكري الأجنبي مستمر في هذا البلد، إلا أنه متقلّب، وعلى هذه الخلفية أدى العنف السياسي، والفساد، وركود الاقتصاد إلى تفكيك مساحة أفغانستان السياسية. ثانياً، يُظهر Management of Savagery، فضلاً عن سجل «داعش» من الاعتداءات حول العالم، أن هذا التنظيم يسعى إلى التخلص ممن يعتبرهم مسلمين مرتدين، بالإضافة إلى الأجانب الكفار؛ لذلك تُعتبر أفغانستان، نظراً إلى دورها كمضيف للمرتدين والكفار على حد سواء، مسرحاً جذاباً لـ»داعش» حيث يستطيع هذا التنظيم استهداف «مجموعتَي أعدائه» كلتيهما في ساحة قتال واحدة.

صحيح أننا نجهل ما إذا كان «داعش» سيبني خلافة أخرى عقب خسارته لما أسسه في العراق وسورية، إلا أن ترويج هذا التنظيم لذلك البلد كعنصر مهم في علامته المميزة يعزز احتمال أن يحاول «داعش» على الأقل إعادة بسط سيطرته على أراضٍ باسم الدين. وبما أن المجتمع الدولي صُدم بولادة خلافة «داعش» الأولى، فعلى الولايات المتحدة أن تعتمد على عقيدة هذا التنظيم لتخوض ما يتعدى معركة كلامية بشأن مصطلحات الإرهاب، وبتطبيق التكتيكات المدرجة في Management of Savagery على ساحة القتال، قد تنجح الولايات المتحدة وحلفاؤها في منع أفغانستان من التحوّل إلى «دول إسلامية» ثانية.