كشفت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة أخيرا عن تفاصيل فعاليات الدورة السابعة والعشرين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، في مؤتمر صحافي أقيم في منارة السعديات. ويقام المعرض في مركز أبوظبي الوطني للمعارض في الفترة من 26 أبريل إلى 2 مايو المقبل.

الصين وابن عربي

قال مدير عام الهيئة، سيف سعيد غباش “نلتقي مجدداً في عاصمة الثقافة والفكر، في منارة السعديات، المنطقة التي احتضنت مؤخراً قمة القيادات الثقافية العالمية بتنظيم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، لنؤكد على أننا نفي بوعدنا في جعل أبوظبي منارة للثقافة وشعلة لا تنطفئ في سبيل المعرفة والفكر”.

وذكر غباش أن المساحات المحجوزة في المعرض حققت زيادة بعدد إجمالي للعارضين بلغ 1320 عارضاً وبزيادة قدرها 60 عارضاً عن السنة الماضية، يمثلون 65 دولة من مختلف مناطق العالم، وبما يزيد على 500 ألف عنوان بأكثر من 30 لغة، وبرنامج يضم أكثر من 800 جلسة حوارية وندوة وورشة عمل خلال دورة العام الجاري.

ويحتفي المعرض هذا العام بالصين ضيف شرف، بعد أن احتفى السنة الماضية بإيطاليا، إذ يرسّخ المعرض مبدأ الانفتاح على الثقافات العالمية المختلفة، وخاصة منها المؤثرة في مسار الثقافة العالمية، حيث قال غباش “أبوظبي المنفتحة على الثقافات العالمية تستضيف الصين في معرض كتاب هذا العام في ندوات ونقاشات وتقديم كتّاب وموسيقى وفنون والكثير غيرها من المظاهر الثقافية التي أنتجها طريق الحرير الغني. وتؤكد أبوظبي أن الإماراتيين معنيون بالعطاء الفكري، ولا أدلّ على ذلك من مشروع كلمة للترجمة الذي يحتفي بمرور 10 سنوات على انطلاقه، حاملاً الثقافات المختلفة على أجنحة الإبداع للقارئ العربي”.

اختار المعرض ابن عربي شخصية محورية، يستذكر مؤلفاته وما قدمه للفلسفة العربية، كما يحتفي بالصين ضيف شرف

مدير الفعاليات الدولية رئيس مركز النشر باللغات وممثل الصين في المعرض شيا كوان أو قال بدوره “نتشرف باختيارنا ضيف شرف لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2017، وجهزنا الكثير من الفعاليات تحت شعار ‘اقرأ الصين’، بالإضافة إلى جانب موسيقي وفني، ونأمل أن يساعد شركاؤنا في الإمارات للتعريف بثقافة الصين، وهذا العام جلبنا نحو 6 آلاف عنوان باللغات العربية والإنكليزية والصينية، فضلا عن نحو 4 آلاف كتاب في نسخ أصلية، وسنقدم أكثر من 50 فعالية ثقافية، ويحضر كذلك أبرز مشاهير الكتاب الصينيين، إذ نعد الجمهور بتجربة لا تُنسى”.

ويرى القائمون على المعرض أن معرفة النموذج الثقافي الصيني عن قرب تعد إضافة مهمة في الوقت الراهن الذي يحتاج فيه العالم إلى نموذج نجاح مغاير للسائد، يقف على أرض حضارية صلبة حراسها التراث والعادات والتقاليد.

ومن جهته قال المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، عبدالله ماجد آل علي “من الصين إلى تاريخنا العريق يختار المعرض شخصية ابن عربي شخصيةً محوريةً، ونستذكر مؤلفاته العظيمة وما قدمه للفلسفة العربية، ونسعى كذلك فيما يخص الشباب لخلق جيل واع متسلح بالمعرفة ومنفتح على الثقافات”.

ثقافة شاملة

قال مدير إدارة البحوث والإصدارات في الهيئة، محمد الشحي “يعتبر البرنامج الثقافي والمهني لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب لعام 2017 ثمرة للتعاون مع جمهور الكتاب والقراء، وعالم النشر والعديد من المؤسسات العلمية والثقافية التي تجعل المنطقة مركزاً رئيساً للنشاط الأدبي والفكري، وتجسيداً لمبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الخاصة بإدراج مادة ‘التربية الأخلاقية‘ في المناهج والمقررات الدراسية في دولة الإمارات”.

وأضاف الشحي “إن هذه الندوات والفعاليات تعكس التزامنا وتفانينا في إرساء وتطوير أسس النشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويكمن الهدف الأساسي من هذا البرنامج في تكريس مكانة إمارة أبوظبي وجهةً للثقافة والنشر، ومما لا شك فيه أن المعرض سيوفر للزوار فرصاً تعليمية رائعة ويفتح الأبواب أمامهم لإبرام الصفقات الناجحة”.

الكتاب صديق كل الأجيال

ويقدم المعرض هذا العام أكثر من 800 فعالية ثقافية تتنوع بين تلك التي تسلط الضوء على حياة وسيرة وإسهامات الفيلسوف ابن عربي، وتلك التي تقدّم المنجز الثقافي والفكري للصين ضيف شرف المعرض، إلى جانب فعاليات البرنامج المهني للناشرين ضمن نادي الأعمال، وركن الإبداع للناشئة، وركن النشر الرقمي، وعروض الطبخ، وسينما الصندوق الأسود، والبرنامج الثقافي، وتواقيع الكتب وركن المؤلفين.

ويتناول البرنامج الثقافي هذا العام جوانب من المشهد الثقافي في الإمارات من خلال عدة ندوات متخصصة أبرزها ندوة بعنوان “أجيال الكتابة الإبداعية في الإمارات بين العربية والإنكليزية”، وندوة “المشهد السردي الإماراتي، تألق الصوت النسائي”، وندوة بعنوان “القصيدة الشعبية الإماراتية وإبراز الهوية الغنائية” التي ستستعرض تجارب شعراء تحولت قصائدهم إلى أغانٍ أسهمت في صناعة ذاكرة الأجيال.

كما يسلط المعرض الضوء على “تجارب الكتاب المسموع” التي ظلت لسنوات طويلة حكرا على مساعدة المكفوفين وضعاف البصر، والتي انطلقت من أبوظبي قبل أكثر من 20 سنة باعتبارها واحدة من أوائل التجارب الخليجية وإحدى التجارب العربية الاحترافية التي تستحق التقدير.

من جهة أخرى يسعى معرض أبوظبي الدولي للكتاب إلى تحفيز جميع الزوار على القراءة عبر ندوات متعددة ومتخصصة في مقدمتها ندوة «تحدي القراءة العربي – سفراء المستقبل» التي تتناول أكبر مشروع لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي.

ويسعى المعرض عبر فعالياته المتنوعة إلى الارتقاء بصناعة النشر والكتاب في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، لتقدم نموذجا عربيا متقدما وفعالا فيما يتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية، إسهاما في تعزيز علاقة الناشئة من الشباب والطلبة بالأنشطة الثقافية والإبداعية ليكونوا رجال الغد المزدهر فكرا وعلما وأدبا وثقافة، في مسيرة النهضة الثقافية المستدامة.

برنامج المعرض ثمرة للتعاون مع جمهور الكتاب والقراء وعالم النشر والعديد من المؤسسات العلمية والثقافية

يشار إلى أنّ فعاليات المعرض لن تكتفي بمجموعة البرامج المتنوعة مثل البرنامج الثقافي، والبرنامج المهني، بالإضافة إلى ركن الإبداع المخصص للأطفال، بل تقدم كذلك أصناف الطعام المتنوعة من مختلف أنحاء العالم عبر ركن عروض الطبخ، حيث يرى المنظمون أن الثقافة هي قبل كل شيء كامنة في التفاصيل الصغيرة والخصوصيات الحياتية، كما يقدم ركنا للرسامين، إذ تسعى مختلف الفعاليات إلى جعل معرض الكتاب عرسا ثقافيا شاملا.

هذا ما تؤكده الفعاليات المتنوعة للبرنامج الثقافي للمعرض الذي يسعى إلى تعزيز فكرة تكامل الفنون. فيقدم الموسيقار والباحث الموسيقي مصطفى سعيد لزوار المعرض فقرات موسيقية يستمعون خلالها إلى مختارات من أشعار وقصائد شخصية العام المحورية ابن عربي. ويتطرق سعيد في ندوة بعنوان “الموسيقى الصينية – سفير إلى العالم” إلى التعريف بالموسيقى الصينية ذات السلم الخماسي.

كما سيستضيف المعرض الفنانة غالية بن علي للحديث حول تجربتها في تقديم أشعار ابن عربي، في ندوة بعنوان “أدين بدين الحب”.

وسيطرح المعرض قضية إثراء الحركة المسرحية العربية، ومن أبرز الندوات التي تتناول هذا الجانب ندوة بعنوان “المسرح بعيداً عن الخشبة”، وهي ندوة عن أهمية استعادة المسرح لدوره الثقافي الريادي دون السقوط في فخ المنحى التجاري أو المسابقات.

وأيضا سيحتفي معرض أبوظبي الدولي للكتاب بتجربة مسرح الجيب من خلال تسليط الضوء على التجربة اللبنانية التي تحمل هذا الاسم، إلى جانب ندوة “الفن للجميع” التي ستستعرض تجربة نجاح مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في الكشف عن قدرات ومواهب ذوي الإعاقة في المسرح، إلى حد أنهم نافسوا في مهرجانات ومسابقات المسرح العربي.