زاهي حواس

 نشرت جريدة «اليوم السابع» منذ أيام قليلة تصريحاً مهماً جداً لعالم آثار إسرائيلي يدعى إسرائيل فينكلشتاين، يعترف فيه بأن اليهود ليس لهم دور في بناء الأهرامات. وأهمية هذا التصريح أو هذه الشهادة، إنْ شئت القول، ترجع إلى عدة أسباب؛ أولها أن صاحبها ليس فقط عالم آثار إسرائيلياً، وإنما هو أحد المتخصصين في الآثار، حيث يعمل رئيساً لمعهد الآثار بجامعة تل أبيب.

وقد أكد أنه لا صلة لليهود بعصر الأهرامات، ولا يوجد أي دليل تاريخي أو أثري يشير إلى وجود اليهود في مصر خلال الدولتين القديمة والوسطى، أو ما يعرف بعصر بناة الأهرامات. والدلائل الأثرية تشير إلى دخول اليهود أو العبرانيين إلى مصر مع نهايات الدولة الوسطى وعصر ما يعرف بالانتقال الثاني أو عصر الغزو الهكسوسي لمصر.
ومن المهم أن نبين أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يشهد فيها شاهد من أهلها، وقد حدث ذلك عندما جاء مناحيم بيغن - رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ومؤسس حزب الليكود - لزيارة مصر؛ وقبل أن يصل أعلن وهو في مدينة نيويورك أنه سعيد لأنه سوف يزور الأهرامات التي بناها أجداده. وقد أثار هذا التصريح كل أثري مصري وعربي وحتى الأثري الأجنبي الذي يدرس التاريخ والآثار ولا يقبل بتزييفهما. وقابلت الصحافيين الغاضبين وشرحت لهم أن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن اليهود لا صلة لهم بالأهرامات. وفي نهاية زيارة مناحيم بيغن وهو واقف أمام تمثال أبو الهول سألته الصحافية المعروفة هدى توفيق سؤالاً مباشراً: «هل لليهود صلة ببناء الأهرامات؟»؛ وعلى الفور أجاب: «الآن أقول: إننا ليس لنا صلة بالأهرامات». وقد نشر هذا الحديث في كل صحف العالم.
وعندما قمت بالكشف عن جبانة العمال بناة الأهرام؛ وحاول بعض الأثريين أن يقللوا من هذا الكشف نتيجة الضعف العلمي أو الغيرة، قال أحدهم إنها مقابر حراس الأهرامات! وقد عثرنا في الجزء الأسفل من الجبانة على مقابر العمال الذين نقلوا الأحجار، بينما خصص الجزء العلوي للفنانين والمهندسين والنحاتين. كذلك تم العثور على منطقة المخبز ومنطقة تجفيف الأسماك، كما عثر على أماكن الإعاشة. وتأكدنا أن كل الأسماء التي عثر عليها في الجبانة هي أسماء مصرية ولا يوجد أي اسم عبراني واحد بينهم؛ وقد أكد هذا الكشف للعالم كله أن المصريين هم بناة الأهرام، وأن الأهرام لم تُبنَ بالسخرة.
وقد أعلنت صحيفة «معاريف» بعد الكشف عن جبانة العمال بناة الأهرام أنه لا يمكن بعد الآن نسب الأهرامات إلى اليهود. وقد طلب مني الراحل العظيم سمير سرحان رئيس هيئة الكتاب المصرية أن أكتب مؤلفاً للعامة بعنوان «معجزة الهرم الأكبر»، وبالفعل قمت بما طلبه مني، وقام هو بنشر الكتاب وأعيد طبعة مرات كثيرة، وقد قمت في أحد فصول الكتاب بتفنيد كل الأكاذيب اليهودية حول الآثار الفرعونية، وإثبات أن الأهرامات مصرية.
وبالكتاب أيضاً جزء مهم بعنوان «محاولة لفهم الحقيقة»، وموضوعات أخرى مبسطة عن بناء الهرم، وعن مجانين الأهرامات، ومنهم من حاول نسبها إلى علماء القارة المفقودة أطلانتس؛ ومنهم من نسب الأهرامات إلى سكان الفضاء أو النجميين على حد مزاعمهم. ولقد وصل الجنون إلى حد تدبير فريق ألماني يتزعمه رجل حاقد على مصر والمصريين إلى سرقة هرم خوفو؛ وبالفعل استطاعوا رشوة أحد العاملين بالآثار ووصلوا إلى الحجرات الخمس التي تعلو حجرة دفن الملك خوفو، وقاموا بسرقة بعض عينات اللون الأحمر الذي استعمله العمال في كتابة أسماء الفرق التي عملوا بها أثناء تشييد الهرم. وبعد أن عاد الألمان إلى بلادهم ونشروا الفيديو الذي فضح فعلتهم قالوا إن تحليل عينات اللون تظهر أن عمر الهرم 15 ألف سنة! وقمت بالرد عليهم أن المحجر الذي قطعت منه الملاكيت، وهو الحجر الذي يتم صحنه وتحويله إلى لون أحمر قد يكون عمره 15 ألف سنة أو مليون سنة، ولا يعني هذا بالضرورة أن الهرم يرجع تاريخه إلى تاريخ المحجر نفسه.. . .