سارة مطر

لا أعلم لماذا يخاف الغرب من الحجاب؟ أو لماذا الإهانة لكون امرأة تضع قماشا على رأسها، والتعدي عليها بالضرب، رغم إيمانهم بحرية الأفراد؟

يعد مصطلح «الإسلاموفوبيا» من المصطلحات الحديثة التداول نسبيا في الفضاء المعرفي المعني بصورة خاصة بعلاقة الإسلام بالغرب، وقد تم نحت المصطلح الذي استعير في جزء منه من علم الاضطرابات النفسية للتعبير عن ظاهرة الرهاب أو الخوف المرضي من الإسلام، وهي في الواقع ظاهرة قديمة جديدة، قديمة قدم الدين الإسلامي نفسه، وإن كانت قد تصاعدت حدتها في عالم اليوم، وبخاصة في دول الغرب بعد التفجيرات الشهيرة التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، التي أسندت إلى تنظيم القاعدة. وربما كان من الممكن القول إن تلك الظاهرة تضرب بجذورها عميقا في تاريخ قديم حافل بمسلسل طويل من العلاقات المضطربة بين الغرب والإسلام، استقر فيه هذا الأخير في الذهنية الغربية بوصفه تعبيرا عن خطر داهم محدق يتهدد كل ما هو غربي، ربما انطلاقا من الاقتران المتكرر الذي يمكن ملاحظته في مسيرة التاريخ، الذي يوحي وكأن هناك نوعا من العلاقة الحتمية بين صعود نجم الحضارة الإسلامية وانحدار نظيرتها الغربية، هذا شرح مصطلح الإسلاموفوبيا، قدمه الأستاذ خالد سليمان في قراءة تحليلية لهذه الظاهرة، وأظن أن الكثيرين يسمعون هذا المصطلح ويغيب عنهم التعبير السليم لهُ، هل الغرب يخاف من الإسلام أم أنه يخاف من المسلمين؟ هذا أكثر ما كنت أود أن أتعرف عليه أكثر، مم يخاف الغرب تحديداً؟ هل يخشى على ذاته من اللحية أو من الطاقية أو من حجاب امرأة مسلمة لا تمت لهُ بصلة، سوى أنها تتقاسم معه المكان فقط لا غير؟ ما الذي يمكن أن يغير من الإيديولوجية المكانية أو الفكرية، إذا ما تقاسمت امرأة محجبة الهواء معه؟ إذاً ما هو الخوف الحقيقي الذي يحف عقول الكثيرين سواءً أكانوا من أهل السياسة أو مجرد مواطنين عاديين؟
تعرفت على هذا المصطلح إبان تداول صورة لامرأة مسلمة ترتدي الحجاب على منصات التواصل الاجتماعي، في أعقاب الهجوم الإرهابي في لندن قرب البرلمان البريطاني، وتبدو الفتاة في الصورة وهي تحمل هاتفها الجوال، أثناء مرورها قرب ضحايا الحادث، وهم ممددون على الأرض، وكأنها غير مكترثة بالحادثة، مما وضعها محل انتقادات وهجوم واتهامات، بعدم المبالاة وعدم المبادرة للمساعدة، في إسعاف الضحايا، بل ذهب البعض لتوجيه الاتهام للفتاة وتورطها بالهجوم، أو أنها على علاقة بمنفذ العملية، وأنها كانت تنقل معلومات، وبعد صمت خرجت الفتاة المسلمة المحجبة، لتوضيح حقيقة الصورة، عبر منظمة لمساعدة ضحايا الإسلاموفوبيا، وحينها بدأت القراءة المكثفة حول هذا المصطلح، وعرفت بأن ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام قد نشأت في الأصل بين أوساط العرب واليهود في جزيرة العرب، وثمة من المؤشرات ما يؤكد استمرار حضورها على ساحة الأرض العربية والإسلامية حتى الآن! وما يؤكد على عمق تأثير الإسلاموفوبيا في عقول العديد من الأفراد في الغرب، هو كثرة عدد المعتدين على السيدات المحجبات في أوروبا، رغم أن المرأة المسلمة لم يكن لديها حضور فاعل في الإرهاب، إذا استثنينا عددا قليلا وضئيلا من المشاركات في العمليات الإرهابية، لكن العديد من السيدات لا يمكن أن يتحولن إلى إرهابيات فقط لأنهن يضعن قطع قماش على رؤوسهن، لكنه الخوف المرضي ليس إلا! وهذا ما دعاني لكي أحرص على متابعة ما حدث للفتاة السعودية، التي استفزها أميركيون بأن والدها سيضربها إن خلعت الحجاب، الطالبة السعودية لمياء، البالغة من العمر 17 عاماً، التي تعيش في ولاية بنسلفانيا الأميركية، كانت تخوض محادثة جماعية مع أصدقائها على موقع تويتر، حين بدأوا بالنقاش حول بعض القضايا السياسية، وفق ما ذكر موقع بازفيد نيوز، انتقدت لمياء في حديثها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول الإسلام، عندما جاءها الردُّ القاسي من أحد المشاركين معها في المحادثة الجماعية، «توقفي عن الدفاع عن الإسلام»، كتب أحدهم للمياء، وفق ما نشرت على تويتر وهو يشتمها، «اخرسي، لا يمكنك خلع حجابك، والدك يقضي عليك»، وتقول لمياء، التي يعيش والدها في السعودية، إنه من الواضح أن كونها مسلمة أزعج ذاك الشاب كثيراً، وفي محاولة لإثبات نقطة هامة للمجموعة التي تحادثها، وبالأخص للشاب الذي زعم أن والدها سيضربها إذا خلعت حجابها، أرسلت لمياء لوالدها رسالة نصية، فقالت له: «كنت أفكر، أريد أن أخلع حجابي»، فرد والدها قائلاً: «عزيزتي، هذا ليس قراري لأتخذه، هذا ليس قرار أي أحد، إذا كنتِ ترغبين في ذلك، افعليه، سأدعمك مهما حصل»، ورغم أن لمياء لم تكن تريد أن تخلع حجابها، إلا أن ردَّ والدها كان البرهان الكافي الذي تحتاج إليه. 
نشرت لمياء نص المحادثة بينها وبين والدها على موقع تويتر، وجاءت تلك التغريدة على الوتر، فقد أعيد نشرها أكثر من 145 ألف مرة بحلول مساء الإثنين 17 أبريل/ نيسان 2017، وتصف لمياء أصداء ما حدث معها وتقول: «حظيت بالكثير من الرسائل التي تظهر لي الدعم، ورسائل أخرى من أشخاص يرغبون في التعرف أكثر على الإسلام، وأن يكونوا جزءاً منه».
في النهاية لا أعلم لماذا يخاف الغرب من الحجاب؟ أو لماذا الإهانة لكون امرأة تضع قماشا على رأسها، والتعدي عليها بالضرب، رغم إيمانهم بحرية الأفراد؟