جمال زهران

تؤكد الضربة العسكرية الأمريكية لسوريا يوم (6) إبريل الماضي، بأنه عمل عدوانى خارج إرادة الأمم المتحدة والنظام الدولي، ، دون إدراك للعواقب والتداعيات الخطيرة التى تخلفها وتترتب عليها حاضرا ومستقبلا،

ولعل من أهم التداعيات هو احتمالات الحرب الشاملة فى المنطقة، تمت الضربة العسكرية الأمريكية ضد مطار «الشعيرات» الحربى فى سوريا، بعدد (59) صاروخا، لم يصل للمطار سوى (23) فقط، وذهب الباقى إلى أماكن مجهولة، على خلفية استخدام سلاح كيماوى ضد مدنيين، تكرارا لأكذوبة سابقة فى سوريا، ومن قبل فى العراق، وكانت النتيجة هى دمارا واحتلالا وتقسيما للعراق، والمستهدف تكرار المشهد فى سوريا باختصار، إلا أن سوريا هى الدولة العصية على تحقيق الحلم الإسرائيلى والمحرك لهذه الهمجية الأمريكية، فى التفتيت والتقسيم وتدمير الجيش الوطني، تؤكد الضربة العسكرية الأمريكية ضد سوريا، صدقية ما أشرت إليه فى مقالى السابق، بعنوان: تراجع النظام العربى لمصلحة الشرق أوسطي، بعد مؤتمر القمة العربى فى البحر الميت، 

والسؤال هنا:هل يمكن أن تؤدى هذه الضربة العسكرية الأمريكية ضد سوريا، إلى اندلاع حرب شاملة فى المنطقة أم لا؟، ويمكن الإجابة من خلال النقاط التالية: 

1ـ إن هذه الضربة العسكرية، لم تكن متوقعة خصوصا أن الرئيس الأمريكى نفسه، سبق له أن أعلن، أن الرئيس بشار الأسد لم يعد هدفا، وأن بقاءه مفيد لإنجاز العملية السياسية، ومن ثم فإن مصداقية الطرف الأمريكى انعدمت بعد هذه الضربة، ولم يعد يوثق بها، وبالتالى فإن احتمالات تكرار مثل هذه التصرفات تصبح أمرا قائما فى ظل عدم ثبات الرؤية المعلنة أو الخطاب السياسى المعلن من جانب إدارة ترامب. 

2ـ إن ردة الفعل السريعة والقوية من جانب روسيا ضد أمريكا، بتعليق اتفاق السلامة الجوية مع الولايات المتحدة فوق الأراضى السورية، يؤكد أن الطيران الأمريكى أصبح هدفا، وكذلك الصواريخ الأمريكية، كما أن وصول البارجة الروسية المضادة للصواريخ وهى الأكثر تقدما، لتنضم إلى وحدات الأسطول الروسى قبالة السواحل السورية، تشير إلى احتمالات وقوع حرب شاملة، فى حالة الإصرار الأمريكى على تكرار ما حدث. 

3ـ إن الهجوم الروسى على الإدارة الأمريكية، ووصف ما تم بأنه عمل خارج الشرعية الدولية، وكذلك التأييد الصينى للموقف الروسي، يؤكد أن إدارة ترامب لم تكن متوقعة، لدرجة أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكى (تيرلسون)، قال: لقد جاءت ردة الفعل الروسى مخيبة للآمال!!، الأمر الذى يجعل الإدارة الأمريكية مترددة فى تكرار هذه الضربة أو الاستخدام المفرط للقوة مستقبلا، وإلا فإن الحرب الشاملة قد تكون مؤكدة. 

4ـ إن الضربة الأمريكية كانت جس نبض، ومحاولة استكشاف القوى الداعمة لإدارة ترامب إقليميا ودوليا، حيث تأكد أنها القوى التقليدية، وكانت الضربة مستهدفة احتواء مصر ضمن القوى المؤيدة، ولكن لم يتحصل ترامب على ذلك، 

5ـ إن محور روسيا/ الصين/ إيران/ لبنان/ سيظل محورا قويا، وهو ما اتضح فى رفضهم الجماعى للضربة العسكرية واستعدادهم للمجابهة والمواجهة مع الإدارة الأمريكية. 

وختاما: يمكن القول إن احتمالات الحرب الشاملة مرتبطة بتكرار هذه الضربة العسكرية والرهان على سقوط الأسد وتفكيك سوريا، وضرب الجيش السورى الوطني، هى رهانات خاسرة وللأبد، وستظل سوريا أبية، وعصية على السقوط.