مطلق بن سعود المطيري

التعهد الروسي بحماية بشار الأسد كرئيس يمثل الشرعية الوحيدة في سورية، تعهد يحتاج للقراءة الجديدة بعد الضربة الأميركية لقاعدة الشعيرات، فروسيا بعد العملية العسكرية الأميركية حصرت وجودها في سورية في حماية النظام فقط من كل المحاولات العسكرية التي تستهدف إنهاء فترة حكمة،

وهذا لا يعني أنها كانت قبل الضربة لم تكن ملتزمة بحماية النظام، ولكن كان أمامها فرص سياسية لإدارة الأزمة السورية عن طريق التفاوض ورسم نهاية لها تحفظ لروسيا مصالحها ووجودها، كالتضحية بالجنين من أجل سلامة الأم، والأم المقصودة هي النظام كمؤسسة وليس سورية الدولة، وهذا التوجه يجعلها الدولة الوحيدة التي استطاعت إزالة حكم بشار وإنهاء القتال، وفتح الطريق أمام العملية السياسية وفقاً لأجندتها، وكان العالم سوف يعترف لها بالفضل على إنهاء الصراع، وإيجاد برهان قوي على تدخلها عسكرياً في سورية.

بعد الضربة دخل لاعب قوي في الأزمة السورية لاعب لم يجعل الخيار العسكري لإزاحة النظام ومعاقبته احتمالاً، بل عمل فعلي ألقى بتأثيره على الأزمة السورية، لاعب تعهد بمطاردة الإرهاب على الارض السورية، وهذا ما كان عملاً تعتذر موسكو بانفرادها به في الاراضي السورية ويساعدها به فقط طهران والنظام السوري، وجاءت الضربة وقلبت الطاولة على الحلفاء، وجعلت هؤلاء الحلفاء بين مجرم ومدافعين عن المجرم، وهذا ما يجعل واشنطن تدخل المفاوضات بقوة فعلية تفرز الخيارات السياسية وتحدد مكاسبها الاستراتيجية بدون أن تكون مضطرة لمجاملة هذا الطرف أو ذاك، أو يكون حضورها حضوراً يشبه الغياب كما كان في عهد الرئيس أوباما..

هذا يعني أن روسيا سوف تخسر مصالحها أو بعضها في سورية، وليس لها إلا ما تعاونت واشنطن به معها، رهان روسيا على إسرائيل في ضمان مصالحها أو استخدامها كوسيلة ضغط على واشنطن لم يعد رهاناً مجدياً في ظل وجود الرئيس ترامب المتعهد بحماية إسرائيل، وكذلك تعهده بمعاقبة حزب الله وطهران، شريكي روسيا في سورية، الأزمة السورية تعقدت أمام روسيا، وانفرجت أمام واشنطن، فلا الحل السياسي سيكون من صالح روسيا وكذلك الحل العسكري، فموسكو لم تستطع حماية وجودها في سورية، وحمايتها للنظام سياسة خاسرة، والتخلي عنه لم تكون مفيدة لها كما كان في السابق عندما كانت معظم خيوط الأزمة بيدها، فقد تأخرت كثيراً، ولم تكن تتوقع التدخل الأميركي عسكرياً في سورية، فأي عمل عسكري أميركي آخر سوف جعل إزالة بشار أمراً سهلاً فرجل سوري بسيط يستطيع أن يسحب بشار من رقبته ليخرجه من الحكم والتاريخ، وعندها سوف تعمل روسيا على خروجها الآمن من سورية وليس بقاءها الآمن.