محمد أمين المصرى

ربما تعددت معانى العنوان، فربما كان إرهاب الإعلام، يعنى أن الإعلام نفسه يخضع لإرهاب البعض، وهذا كثير ومتعدد الأمثلة فى مصر. وثمة معنى آخر يشير إلى تعرض الآخرين للإرهاب من جانب بعض الوسائل الإعلامية والإعلاميين أنفسهم. 

ولعلى أٌقصد المعنى الثاني، أى أن المجتمع يخضع لإرهاب الإعلام، فالبرامج الحوارية الليلية تحشد كل قواها من مذيعين ومعدين،عقب كل حادث إرهابي، لاستضافة متحدثين يصبون نارا على «دماء الشهداء والضحايا». فنرى مشروع داعية يدافع عن الإسلام وأنه بريء من الإرهاب، مع إننا نعلم ذلك بدون أن نستمع له، ويسعى جاهدا لإقناعنا بأن الحادث فردي، أو وراءه فئة تحريضية تتمثل فى «داعش» أولا ثم جماعة الإخوان ثانيا. هذا إذا كان ضيف البرنامج شخصا واحدا. ولكن المصيبة إذا ضم البرنامج ضيوفا كثيرين، ما بين داعية وآخر مسيحي، وثالث مسلم يدعى زورا الدفاع عن حقوق الأقباط فى مصر كأقلية تستحق الحماية. 

ثم يقع الضيوف فى فخ مقدم البرنامج، الذى لا يريد حلا لأزمة الإرهاب بقدر شهيته المفتوحة لإشعال نار الفتنة والتحريض على المزيد من الأعمال. ويتطرق الحوار الى أمور سطحية واتهامات متبادلة، بأن الشيخ الفلانى كفر المسيحيين ليرد الضيف المسيحى بأن لديه أدلة وبراهين على احتواء كتب التراث الكثير من المغالطات عن الدين المسيحى وتحمل إهانة للإنجيل ككتاب سماوي. وآخر يحمل كتابا مزورا ويدعى أنه يحمل آراء سلبية ضد المسيح والمسيحيين، ويتضح أن الكتاب المرفق مزيف ويضم مثلا ألف صفحة، فى حين أن الكتاب الأصلى صغير الحجم من حوالى مائتى صفحة فقط..فيبطل الدليل بإظهار الكتاب الحقيقى الذى يتم تدريسه فى الأزهر، ولا يسأل المذيع الضيف المسيحى الذى يريد إشعال الموقف ضد الأزهر من أين جاء بكتابه المزور، ولا حتى يرد غيبة الأزهر وبراءته من مثل هذه الأباطيل. 

ناهيك عن موقع تثق الحكومة به كثيرا وتمده بأخبار وروايات، يستغل الأزمة بين مصر وقطر، وينشر نقلا عن صحيفة فلسطينية مجهولة الهوية، أن أمير قطر استدعى قيادات الإخوان فى بلاده وهددهم بقطع المعونة عنهم ما لم يشعلوا مصر إرهابا وقتلا وتقتيلا، حتى يرتاح البال وينال من القيادة المصرية..أى «وهم» يكتبه هؤلاء، ولماذا إثارة البلبلة فى وقت نحن أحوج فيه للمصداقية وعدم التزييف.