محمد آل الشيخ

رواية وصلتني عن طريق (الواتس اب)، يؤكد راويها أنها صحيحة؛ تقول الرواية: إن أحد سكان مدينة الموصل العراقية ويُدعى (أبو صالح)، كان صاحب دكان في أحد أحيائها، وكان يلبي من خلال دكانه الحاجات المنزلية لأهل الحي.

صادف أن سكن في جواره مقاتل داعشي من أصول روسية، ومعه زوجته الروسية أيضاً، وكان هذا الداعشي يشتري حاجات منزله من (أبو صالح)، وكما هي تعاملات أهل الموصل، تعلَّم أن يشتري حاجياته بالدَّين، ولما وصل دين الداعشي مبلغاً كبيراً، ذهب إلى منزل الداعشي يُطالبه بسداد دينه، لكنه فوجئ بزوجته الروسية تخبره بأن زوجها قُتل، أو كما كانت تقول (استشهد). كما أخبرته أنها لا تملك مبلغ الدَّين، لكنها عرضت عليه الزواج، شريطة أن يكون الدَّين الذي على زوجها بمثابة مهرها في الزواج. فكر أبو صالح في الأمر ملياً، ووجد ألا طريقة لسداد دينه إلا بالاستعاضة عنه بالزواج منها، فقبل، ولسان حاله يقولون: (العوض ولا القطيعة).

تزوج أبو صالح من الداعشية، فوجدها غاية في الجمال والأنوثة وكذلك طيب المعاشرة الزوجية، فتعلق بها، وعدّها أفضل صفقة مقايضة قرض أو سلفة مرت عليه في حياته؛ وبعد فترة ليست بالطويلة طرق مندوب من الدواعش باب البيت، ولما فتح له (أبو صالح) بادره بالقول: أين أرملة أبي قرنفلة، أم قرنفلة، كما كانت هي وزوجها تُكنى؛ فسألهم: وماذا تريدون منها؟.. فأجابه المندوب الداعشي: هي لدينا مُسجلة (استشهادية)، أي انتحارية، تحت الطلب، ودولة الخلافة في حاجتها لتنفيذ عملية استشهادية في مواجهة أعداء الله. بُهت أبو صالح، وقال: خلوه يا به، وخذوا أم صالح عوضاً عنها، فهي عفيفة وتقية وعابدة، وخلوا لي (أم قرنفلة)، أتوسل إليكم!.

لا يهمني إن كانت الرواية صحيحة أم من نسج الخيال، لكنها وإن كانت أسطورة ساخرة، تعتبر مؤشراً أنثربولوجياً، من خلاله تستطيع أن تقرأ كثيراً من المؤشرات على العقلية النمطية العربية ولا أعمم؛ أولها أن الزوجة هي مجرد بوتقة يصب فيها الرجل شهوته، ومصنع إنجاب ثانياً لا أولاً، وعندما يستهلكها، أو يجد غيرها ذات مواصفات تثير شهواته أفضل منها، فمن المقبول والطبيعي أن يضحي بها، ويرتبط بالزواج من غيرها، كما هي قصة (أبو صالح وأم قرنفلة)؛ بمعنى أن الزوجة ليست شريكة حياة لزوجها، بقدر ما هي تُقدم خدمات فراش لتطفئ ظمأه الجنسي أولاً، وثانياً لتقدم له امتداداً لبقاء جنسه البشري على الأرض.

الأمر الآخر الذي لم أفهمه في ظاهرة الانتحار والانتحاريين هي المغريات التي تدفع المرأة للانتحار. الرجل يغريه وعاظ التأسلم المسيسون بأنه إذا أقدم على الانتحار، كان بمثابة الشهيد، كما يعده «القرضاوي» وفرقته، والشهيد مآله الجنة والحور العين حيث سيشبع شبقه الجنسي بسبعين حورية معهن سبعين وصيفة، أي أن ثمة 4900 امرأة بين يديه ويأتمرن بأمره ويلبين شهواته الجنسية؛ والسؤال الذي يثيره السياق هنا: ما هي مغريات المرأة الاستشهادية في مقابل مغريات الرجل؟

طبعاً دعاة الانتحار وكذلك أغيلمة الانتحاريين والانتحاريات لا يمكن أن يثيروا أسئلة كهذه الأسئلة، لأن (المساكين) مُغيبين، وملكة السؤال غائبة عن أذهانهم تماماً.

إلى اللقاء