فهد العيلي

قبل سبع سنوات وتحديدا في عام 2010 اتخذت المؤسسة العامة للتدريب المهني قرارا مفاجئا بإلغاء ما يسمى "الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي" التي كانت معتمدة في المعاهد والكليات والجامعات كشهادة مهنية تحوي مجموعة من مهارات التعامل الأساسية مع الحاسب الآلي المعتمدة في أنظمة التوظيف والترقيات في وزارة الخدمة المدنية وكذلك مؤسسات القطاع الخاص. واعتمدت مؤسسة التدريب المهني بديلا لها "شهادة: كامبردج الدولية لتقنية المعلومات".

تعاقدت المؤسسة مع شركة وطنية لتسويق الشهادة الجديدة التي بدورها أعلنت أن شهادة كامبردج محتكر تسويقها من قبل شركة عربية مقرها الأردن وبالتالي هما مسوقان حصريان للشركة الأردنية التي زعمت أن هذه الشهادة مصدرها جامعة كامبردج العريقة في بريطانيا بموجب اتفاق حصري بينهم وبين الجامعة. وكنت أتساءل هل كانت جامعة كامبردج العريقة بحاجة إلى أن تمنح اسمها وختمها العريق لمجموعة من المعاهد المحلية والعربية ذات التعليم الرديء؟ وهل الجامعة أيضا بهذا الحد من السذاجة التي تسلم معها شركة عربية تسويق اسمها وسمعتها العريقة وإصدار آلاف الشهادات باسمها دون أدنى حد من الرقابة أو التقييم أو الإشراف؟ وحين تفحصت موقع جامعة كامبردج وجدت أن الجامعة تشدد على عدم وجود فروع أو وكلاء أو ممثلين لها خارج بريطانيا وهو ما يتفق مع منهج الجامعة الرصين الذي جعل منها الجامعة الأولى في العالم. أما الشركة العربية التي تزعم وكالتها الحصرية لتسويق شهادات تحمل اسم الجامعة فلها أكثر من "بروشور" تسويقي تؤكد فيه أنها وكيل حصري للجامعة وعلى موقعها الإلكتروني تشير لوكالتها الحصرية لهيئة امتحانات كامبردج ولم تشر إلى الجامعة مباشرة لكنها ذكرت أن هيئة امتحانات كامبردج إحدى الهيئات التي تقع تحت إشراف الجامعة، وفي هذا تلبيس كبير، والفرق بين العبارتين كبير فالهيئات والمؤسسات التي تحمل اسم كامبردج كثيرة لكن معظمها مؤسسات ومعاهد تجارية لا تحمل أي صفة للعمل الأكاديمي والتعليمي الذي يخولها إصدار شهادات علمية. وإذا كانت الجامعة تنفي أن تكون لها علاقة بأي ممثلين أو وكلاء لها خارج بريطانيا فهذا يعني أن الشركة العربية سوقت علينا آلاف الشهادات تحت مسمى كامبردج الوهمي دون أن تكون لها علاقة بجامعة كامبردج الشهيرة. أما الشركة المحلية التي تعمل بالشراكة مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني فقد أكدت على موقعها أنها أصدرت أكثر من 200 ألف شهادة وهو رقم يثير التساؤلات حول المرجعية القانونية لاستخدام اسم كامبردج وهل تكفي الاتفاقية مع الشركة العربية المشكوك في أمرها للخروج من أي تبعات قانونية لاستخدام اسم جامعة غير مصرح به من قبلها؟ ولذا نأمل من المسؤولين في الشركة المحلية وكذلك المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إيضاح موقفهم من مسمى هذه الشهادة والأسس التي اعتمدوا عليها في إصدار مثل هذا النوع من الشهادات حتى نطمئن أننا لم نكن نعيش وهما آخر!