أحمد الجميعة

العلاقات السعودية المصرية تاريخية، ومتوارثة، وعلى تماس دائم مع قضايا العرب، وتحديداً في المرحلة الحالية التي تقتضي مزيداً من التنسيق، والتشاور، والبحث عن صيغ الخلاص من حالة الفوضى التي تمرّ بها المنطقة، والخروج إلى فضاء أوسع من تعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، ودعم المصالح المشتركة بين البلدين الشقيقين.

التطورات المتسارعة سياسياً وأمنياً وعسكرياً في الشرق الأوسط أفرزت مواقف متعددة الاتجاهات والمصالح الإقليمية، وفتحت خطوط اتصال مع القوى الدولية المؤثرة، وتركت التجاذبات والتحليلات مفتوحة على أكثر من باب، ومع ذلك بقيت العلاقات السعودية المصرية ذات خصوصية؛ فمهما كان الاختلاف وارداً في التعاطي مع الأحداث، إلاّ أن الواقع يعيد تلك العلاقة إلى أقرب نقطة اتصال داخل الشبكة، ويمنحها تغطية أوسع في التأثير؛ بعيداً عن أي محاولات تشويش محتملة من أي طرف.

زيارة الرئيس المصري إلى الرياض، ولقاء خادم الحرمين؛ ليست تحولاً جديداً في العلاقة الراسخة، ولكنها عودة إلى المسار الطبيعي الذي كانت عليه، وستبقى كذلك؛ لأن ما يجمع بين البلدين الشقيقين أكبر من الأحداث التي تدور رحاها في فلك المصالح، واستدراج القوى المهيمنة لكسب طرف على حساب آخر.

ما هو مطلوب من المملكة ومصر يتجاوز العلاقات الثنائية المتعددة والمتنامية على أكثر من صعيد؛ إلى التصدي للمهددات التي تعيق استقرار المنطقة، ومحاولات ابتزازها لإطالة أمد الصراع فيها، وتشتيت مواقفها، والغنيمة منها، وعلى رأس تلك المهددات الإرهاب الذي تطاول على المنطقة مدفوعاً من إيران ومليشياتها المأجورة، مستغلاً الأزمة السورية في تمدده وتهديده.

الإرهاب لم يعد لغزاً محيّراً بعد أن تعرّت إيران في دعمه، وأصبحت محرّكاً رئيساً له، ومبرراً لأجنداته، ولهذا لا يمكن الفصل بين الموقف من الإرهاب والتغاضي عن إيران؛ فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وينسحب ذلك أتوماتيكياً على الأزمة السورية والموقف من نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران، حيث يتطلب الموقف السعودي المعلن تجاه الإرهاب وإيران والنظام السوري أن يكون الموقف المصري منسجماً معه، وواضحاً في تعبيره.

العالم اليوم لم يعد مجزأً في أحداثه؛ فما يحصل في الشرق يؤثر في الغرب، والعكس صحيح، وبالتالي حتمية التأثير واقعة على أي مستوى سياسي أو اقتصادي أو عسكري على أي طرف؛ ولذا لا بديل عن التحالف العربي بقيادة المملكة ومصر لتسوية أوضاع المنطقة، وصيانة مصالحها، وحماية شعوبها؛ لأن ما يعوّل على البلدين كبير جداً، خاصة مع توافق الإدارة الأميركية الجديدة مع حلفائها التقليديين، وهو ما يجب استثماره للإسراع في الحل وتأجيل أي اختلافات في وجهات النظر.