عبدالله مغرم

عند أول زيارة للعاصمة البريطانية لندن، يلفت الانتباه حجم الفعاليات الثقافية وروعتها، ويكون الزائر قد أعد قائمة بالمؤسسات الثقافية والمسارح التي يرغب في زيارتها كمسرح الملكة المتأسس في العام 1907 الذي يعرض الرواية الفرنسية الشهيرة "البؤساء" بمعدل عرضين يوميا وعلى مدار العام.

أحد أهم أسباب نجاح لندن كوجهة ثقافية سياحية اقتصادية هي حملة العلاقات العامة الدولية التي تطلقها الحكومة البريطانية ومنها حملة بريطانيا العظمى في العام 2012 التي هدفت إلى إبراز القيم الثقافية البريطانية للعالم والترويج لأفضل ما ينتج في بريطانيا، والهدف من الحملة زيادة عدد السياح، والطلاب الأجانب وكذلك ضخ رؤوس أموال في الاقتصاد البريطاني.

يشترك في الحملة مئات الشركات البريطانية والهيئات ومنها المجلس الثقافي البريطاني وشركات السيارات مثل: جاكوار، ورانج روفر، فضلا عن الخطوط الجوية الملكية البريطانية، وتم تعيين سفراء للحملة وعددهم 36 من العلماء والمبتكرين والفنانين وشملت الدول المستهدفة بالحملة 144 دولة و300 مدينة حول العام. ونتيجة للحملة حققت عوائد اقتصادية مباشرة أكثر من 2.7 مليار جنيه إسترليني (13 مليار ريال).

نجاح لندن في أن تكون وجهة ثقافية هو عمل تكاملي وعلى مدى سنين طويلة، فهيئة الإذاعة البريطانية تقوم بتحويل الأعمال الأدبية للرواد إلى أعمال تلفزيونية درامية وأفلام، ومن أهم الأعمال الروائية "كبرياء وتحامل" للراوية البريطانية جين أوستن التي كتبت في العام 1813، فضلا عن أعمال شكسبير وإبرازها كأعمال فريدة، كل تلك العوامل تلعب دورا في إبراز الثقافية البريطانية وتحويلها من محتوى ورقي إلى لغة بصرية سينمائية لإبراز الإرث الثقافي البريطاني.

بالنسبة لنا فلدينا موارد ثقافية فريدة وجيل شاب تواق للنجاح، والنجاحات التي يحققها في الخارج دليل للدور الذي يمكن أن يلعبه في إبراز الثقافة السعودية وإيصال قيمنا للعالم ليس لتعريف الآخر بنا فقط -على الرغم من أهمية الهدف- بل أن تكون الثقافة أساسا لتأسيس اقتصاد ثقافي مولد لفرص العمل ويدعم التنمية الاقتصادية في المملكة.

الثقافة هي أساس القوة الناعمة لأي دولة في العالم وهي سبب نمو وازدهار أي اقتصاد، وما نحتاج إليه اليوم هي حملة علاقات عامة دولية تشتمل على خطة وطنية لتنظيم فعاليات ثقافية حول العالم وتطوير المسرح ودعم الإنتاج السينمائي السعودي بالتقنيات الحديثة التي تحقق تأثيرا كبيرا كتقنية الواقع الافتراضي والأفلام 360 درجة، ونقطة الأساس تمويل مباشر من وزارة الثقافة والإعلام لمثل هذه الأعمال.