مشاري الذايدي

صدم فئام من الناس بعدما كشفت الداخلية السعودية أمس، ضمن تفاصيل أخرى، أن خلية داعشية سعودية قامت بنحر «زميلهم» وترك جثته حتى التعفن، في شقتهم، ثم دفنه لاحقا في «استراحة» تابعة لهم، بحي الحرازات في جدة، غرب السعودية.

اشمأز من الجريمة أناس، وربما شكك فيها آخرون، كعادتهم، لكن السؤال: هل هي أول مرة تفعلها غيلان «داعش»، وقبلهم ومعهم، «القاعدة»؟
منتصف 2015 قام تنظيم القاعدة، في مدينة المكلاّ، حضرموت، بإعدام علني، أمام الناس، يوم كانت المكلاّ تحت حكم الإرهابيين، للتعيسين السعوديين، مساعد الخويطر وفارس المطيري.
التهمة كانت وقتها هي أن مساعد وفارس هما جاسوسان من قبل المباحث السعودية! كما هي التهمة التي وجهت للمطلوب مطيع الصيعري، الذي احتزّ رقبته قتلة «داعش» بحي الحرازات في جدة.
قبائح «داعش» لم تقف عند هذا الحدّ، فهو من جهّز انتحاري الحرم النبوي، نعم الحرم النبوي! صدق أو لا تصدق، لولا أن الأمن أوقع بالداعشي «نائر» في باحات المسجد النبوي، ففجّر نفسه ومعه ثلة من رجال الأمن السعوديين.
أما جسارة قلوبهم، بل تحجّر إنسانيتهم، في دفن الموتى بالسرّ، فقد فعلها من قبل، سلفهم، تنظيم القاعدة، حين كذبوا فقالوا إن المطلوب، على قائمة الـ26 عامر الشهري، قد «استشهد» بمواجهة أمنية، في حي السويدي غرب الرياض، ليتضح لاحقا، من خلال مقاطع الفيديو، أن التعيس عامر، أصيب بجروح بليغة ورفضت عصابة «عبد العزيز المقرن» علاجه بالمستشفى، وطببوه ببدائية فمات، ودفنوه بصحراء «بنبان» شمال الرياض.
حسب بيان الداخلية، فإن المنحور مطيع الصيعري كان ينوي تسليم نفسه للسلطات الأمنية، فبادر قتلة «داعش» بإعدامه، بعد أخذ الفتوى من سدنة الإجرام بسوريا، والتهمة كالعادة هي الردة والتجسس.
نفس تهمة مساعد الخويطر وفارس المطيري لدى قاعدة اليمن بالمكلا، والواقع لا مطيع ولا فارس ولا مساعد كانوا جواسيس، إنما أفراد ربما استيقظ لديهم العقل فجأة، وقد قال أحد أقارب مساعد الخويطر، حينها لصحيفة «الحياة»، إنه اتصل بمساعد قبل نهايته بقليل، واستشعر أن قريبه متضايق من أعمال التنظيم.
خطورة ما جرى كله، قبل والآن، هو أن الداخل لهذا العالم مفقود والخارج مولود.
هذه رسالة بليغة للأسر، للأمهات والآباء «المفهّين» والكلمة الأخيرة، تعني بالدارجة السعودية والليبية أيضا «اللامبالين» مع صبيتهم الذين يعبثون بعوالم السوشيال ميديا.
الأمر ليس خاصاً بجنسية دون أخرى، فحسب بيان الداخلية الأخير، تم القبض على (32) سعودياً، و(14) أجنبياً من (باكستان، اليمن، أفغانستان، مصر، الأردن، والسودان).
القصة جدّ... والناس في غفلة سادرون.