فاتح عبد السلام

‎‮ ‬هل‭ ‬يحق‭ ‬للعراقيين‭ ‬الاعتراض‭ ‬بعد‭ ‬الآن،‭ ‬على‭ ‬تدهور‭ ‬أوضاعهم‭ ‬وفساد‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬وانحراف‭ ‬المسؤولين‭ ‬وانحطاطهم،‭ ‬إذا‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬اعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬الوجوه‭ ‬نفسها‭ ‬،‭ ‬وهل‭ ‬يمتلكون‭ ‬ضمانات‭ ‬فيم‭ ‬ا‭ ‬لوانتخبوا‭ ‬وجوهاً‭ ‬جديدة‭ ‬،أن‭ ‬تكون‭ ‬نزيهة‭ ‬تحقق‭ ‬آمالهم‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬وآمنة‭ ‬توافر‭ ‬فيها‭ ‬فرص‭ ‬عادلة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬؟

‎هناك‭ ‬مَن‭ ‬يقول‭ ‬،‭ ‬ليأت‭ ‬من‭ ‬يأتي‭ ‬فهو‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الموجودين‭ ‬حالياً‭ ‬‭.‬‭ ‬وسبق‭ ‬أنقال‭ ‬العراقيون‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬حكم‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تفاقم‭ ‬سوء‭ ‬حالهم‭ ‬‭.‬‭ ‬وسيكررون‭ ‬القول‭ ‬ذاته‭ ‬حين‭ ‬تزاح‭ ‬هذه‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬المصطنعة‭ ‬ذات‭ ‬الطلاء‭ ‬الخارجي‭ ‬الثقيل‭ ‬‭.‬

‎هل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬تعجيزي‭ ‬يقطع‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬توافر‭ ‬فرص‭ ‬جديدة‭ ‬لاعادة‭ ‬الحياة‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬مواكبة‭ ‬الأمم‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬أطفالها‭ ‬قبل‭ ‬كروش‭ ‬مسؤوليها‭ ‬‭.‬نعم‭ ‬يبدو‭ ‬الكلام‭ ‬تعجيزياً‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكاتبه‭ ‬،‭ ‬إذا‭ ‬بقينا‭ ‬ندور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬الاشخاص‭ ‬ولم‭ ‬نستطع‭ ‬من‭ ‬اقرار‭ ‬قوانين‭ ‬ثابتة‭ ‬لتسيير‭ ‬الحياة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنة‭ ‬ورفعها‭ ‬الى‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬مكرمة‭ ‬ويتضح‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬الشارع‭ ‬الذي‭ ‬يتحرك‭ ‬فيه‭ ‬الانسان‭ ‬وكيف‭ ‬تعمل‭ ‬البلديات‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبيرة‭ ‬وصولاً‭ ‬للبلدات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والقرى‭ ‬،‭ ‬بحيث‭ ‬يبدو‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬تحت‭ ‬قانون‭ ‬صارم‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬التلاعب‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬مصمم‭ ‬أصلاً‭ ‬لقطع‭ ‬دابر‭ ‬التلاعبات‭ ‬وتنظيف‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬أصحابها‭ .‬

‎اذن‭ ‬العراق‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬نظام‭ ‬مدني‭ ‬ثابتومستقر‭ ‬لا‭ ‬يحتمل‭ ‬الاجتهادات‭ ‬السياسية‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬الدساتير‭ ‬،‭ ‬غير‭ ‬إنّ‭ ‬الدستور‭ ‬العراقي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬محتوى‭ ‬شكلياً‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬للتنفيذ‭ ‬ويفلت‭ ‬الطاعنون‭ ‬في‭ ‬بنوده‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حساب‭ ‬كما‭ ‬انّه‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬أزمات‭ ‬بحجم‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬لذلك‭ ‬نراه‭ ‬منسحقاً‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬أمام‭ ‬قانون‭ ‬الطواريء‭ ‬وتعليمات‭ ‬الاحزاب‭ ‬ونزق‭ ‬المتنفذين‭ ‬‭.‬‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬المرء‭ ‬يفكر‭ ‬ملياً‭ ‬،‭ ‬مَن‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬الدستور؟‭ ‬‭.‬وما‭ ‬فائدة‭ ‬نصوص‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬دستورية‭ ‬تضيع‭ ‬أمام‭ ‬قدسية‭ ‬الفتاوي‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬أروقة‭ ‬دينية‭ ‬الى‭ ‬سياقات‭ ‬سياسية‭ ‬وأمنية‭ ‬‭.‬

‎كل‭ ‬ذلك‭ ‬يرتبط‭ ‬بهوية‭ ‬الدولة‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬مدنية‭ ‬حقاً‭ ‬،‭ ‬وكم‭ ‬نسبة‭ ‬‭(‬الدينية‭)‬‭ ‬فيها‭ ‬،‭ ‬أم‭ ‬هي‮ ‬دولة‭ ‬دينية‭ ‬فيها‭ ‬نسب‭ ‬متفق‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬‭(‬المدنية‭)‬‭ ‬؟‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬لا‭ ‬يجيب‭ ‬عليه‭ ‬قانون‭ ‬او‭ ‬دستور‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬الجميع‭ ‬يفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاضطراب‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬الخلطة‭ ‬العجيبة‭ ‬التي‭ ‬تغيّب‭ ‬دولة‭ ‬بحجم‭ ‬العراق‭ ‬عن‭ ‬مسار‭ ‬التاريخ‭ ‬وتلحقها‭ ‬في‭ ‬أفلاك‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬الشرعية‭ ‬والدستور‭ ‬‭.‬