عزة السبيعي

كتب السفير السعودي في النرويج مقالا قامت بترجمته بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، لكن لسبب ما حرصت أن تكون هذه الترجمة انتقائية، حرصت خلالها ألا تشير من قريب ولا بعيد إلى مقطع أو «براجراف» كامل أشبه ما يكون اعتذارية عن وضع المرأة في السعودية، وحتى نكون أكثر دقة قال: «كما تعرفون الدين الرسمي في السعودية الإسلام، والثقافة السائدة ثقافة بدوية، ثم شرح كيف أن الولاية على المرأة قادمة منهما، ثم أضاف أن تحديد ملامح أو طريقة رعاية المرأة -للأسف- تم وفقا للثقافة البدوية، وهي طريقة سيئة في التفكير».


لا أعرف حقيقةً ما ثقافة سعادة السفير، خاصة في علم الاجتماع، لكن ما أعرفه أنه لا يحق لأحد أن يعدّ طريقة
فئة في المجتمع طريقة سيئة في التفكير، سواء كان هذا المكون كبيرا أم صغيرا. كل فئة في مجتمعنا عزيزة علينا، والإساءة إليها إساءة للجميع، هذه إحدى مبادئ وحدتنا التي أسس عليها بلادنا الملك الموحد عبدالعزيز آل سعود. 
الشيء الثاني الذي استوقفني، هو اعتباره الثقافة البدوية تخلّفا يعتذر عنه، ولا أعرف هل يعدّ البدو متخلفين؟
لأن كوني منهم -وربما شهادتي مجروحة- أعرف أنهم متطورون جدا في العلاقات الإنسانية، واستقبال الآخر واحترام الاختلاف، وتقدير المرأة والاعتماد عليها ربما يحتاج سعادة السفير إلى نسخة من كتاب الدكتور البدوي الأخير للدكتور الهولندي مارسيل كوبر شوك، أو الطريق إلى مكة لمحمد أسد، ليعرف طبيعة ثقافة البدو من وجهة نظر غربية، أعتقد أنها موضوعية ولا تخشى شيئا عند إبدائها، بل أدعو معاليه إلى الإقامة عند «ربعي» على حدود الربع الخالي، إقامة مدفوعة التكاليف، ودون حتى سؤال عن اسمه، ومن أين أتى، فمن عادات البدو إكرام ضيفهم وعدم سؤاله أي سؤال، ومنها ثقافته، ولربما تذبح له إحدى قريباتي وتريه أن البدويات يبقين وحدهن في الصحراء، ولا يخشين إلا الله.
وربما أجد من المناسب أن أشير إلى أن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- قضى وقتا كبيرا من شبابه في الربع الخالي مع بني مرة، بل درجت العرب على إرسال أطفالها إلى البادية لتعلم كريم الأخلاق وأسسها، فهل ظن كل هؤلاء أن البدو يستحقون مشاركة التجربة، وظن معالي السفير أنهم بلاء على المجتمع؟
بل إني أدعو معاليه إلى مشاهدة المقابلة التي أجرتها باربرا والترز مع الملك عبدالله -طيب الله ثراه- وذكر فيها أن النساء في الهجر والصحارى يقدن سياراتهن، وتلك الدبلوماسية ولغة الكلام التي ظهر بها مليكنا الراحل، درس كبير في الحديث مع الغرب. بالمناسبة، ربما يحتاج سعادة السفير أن يشاهد المقابلة مرة أخرى، فربما علمته ألا يعتذر أبدا عن ثقافة في بلاده.
لقد مضى أكثر من مئة عام منذ وحدت هذه البلاد على المحبة واحترام الاختلاف الثقافي فيها، وما حدث في هذا المقال هو إساءة غير مقبولة.