حمد الكعبي

في ربيع عام 2003 حظيت بمرافقة الوفد الإماراتي المشارك في المعرض العالمي الذي يُقام في الجمهورية الألمانية الاتحادية في ولاية هامبورغ بمشاركة أكثر من 180 دولة، حينها كانت دولة الإمارات مشاركة بالمنجزات الحضارية والعمرانية، وكان جناح الإمارات من أكثر أجنحة المعرض تميزاً وازدحاماً بالزوار الذين عبروا عن إعجابهم وانبهارهم بالجناح الإماراتي الذي قدم في المعرض «مزرعة نموذجية»، استطاعت وقتها تحقيق المركز الأول على جميع الدول المشاركة بمنجزاتها وساهم بشد انتباه زوار المعرض بإرادة الشعب الإماراتي، المتمثلة في تأسيس أحد أهم القطاعات الحيوية في منطقة تعد من أكثر المناطق ندرة للمياه في العالم، والحكمة التي تتمتع بها قيادته الرشيدة بالعمل والجد والمثابرة من أجل التقديم للعالم كل ما من شأنه أن يضيف إلى الرصيد الحضاري للبشرية والعالم أجمع، حيث كانت نظرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ثاقبة نحو التحدي، وأن يثبت للعالم أن الشعب الإماراتي قادر على تحمل المسؤولية وتحقيق التقدم، ووضع بصمات خالدة في تاريخ البشرية جمعاء.

ومنذ ذلك الحين ومن خلال متابعتي للعلاقات المتميزة مع الجمهورية الألمانية، يلاحظ أن تطور العلاقات الإماراتية- الألمانية يعكس عمق الروابط الاستراتيجية ومتانة الأنشطة المتنوعة بين البلدين، ومنذ تأسيس العلاقة الدبلوماسية 1972 والمسيرة تتواصل في تعزيز التعاون الإيجابي بين الشعبين.

ويظهر مدى التعاون الاقتصادي والنشاط الاستثماري المتنامي بين ألمانيا والإمارات في الاتفاقيات الثنائية المبرمة بينهما والزيارات المتبادلة التي قام بها مسؤولو البلدين على مختلف المستويات خلال السنوات الماضية، والتي ساهمت بلا شك في تعميق أواصر التعاون والصداقة، وباتت لدى الجانبين رغبة قوية في تدعيم مفهوم التعاون والتنسيق الذي يساهم دوماً في تطوير العلاقات بينهما وتعميقها، بحيث يمكننا اليوم وصف الإمارات بأنها أهم شريك اقتصادي لألمانيا في المنطقة العربية برمتها، إضافة إلى أنها علاقات تحتكم إلى قناعات حسن التعاون والمكاسب المشتركة، بحيث أصبحت مثالاً نموذجياً للعلاقات الاقتصادية الجيدة بين الدول، نظراً لشفافيتها وقوتها وأهدافها النبيلة الساعية إلى تحقيق التنمية ومكافحة الإرهاب وتنويع الشراكات المختلفة، كما أن الجمهورية الألمانية دولة مهمة وذات ثقل على المستوى الاقتصادي العالمي ولديها خبرة واسعة وتقنيات متطورة، وتمتلك تأثيراً كبيراً في القرارات العالمية، وتلعب دوراً ريادياً على مستوى العالم.

ألمانيا تدرك المكانة التي تتمتع بها دولة الإمارات، وما تحتله من موقع استراتيجي يجذب المستثمرين، فهي مركز مالي مهم، ومنفذ تجاري حيوي إلى العالم، وتتميز بالسمعة العالمية المرموقة في تطبيق القوانين ودقة الإجراءات ولديها نظم إدارية داعمة للاستثمار ومحفّزة على التميز في مجال الأعمال، ولا شك أن ألمانيا تحتل مكاناً متقدماً في الكثير من مواقع الأعمال الدولية، خصوصاً مع ما تتميز به من تسامح يجعلها شريكاً موثوقاً به يحظى بالتقدير في جميع أنحاء العالم. علاوة على جودة المنتج الألماني الذي يتمتع بثقة مصدرها الالتزام بالمعايير التكنولوجية عالية الجودة والابتكار، ما جعل ألمانيا شريكاً استراتيجياً لدولة الإمارات.

العلاقات بين الإمارات وألمانيا دامت لأكثر من أربعة عقود، وترسخت وصارت أكثر شمولية وحيوية ليس فقط في الجوانب الاقتصادية، وإنما تجاوزت ذلك، وصولاً إلى الاستثمار والشراكة في تعزيز الأمن، وتوطيد الاستقرار في المنطقة، وعملت بقوة من أجل تعزيز تلك الأهداف الساعية إلى القضاء على الإرهاب والتطرف العالمي.

إيمان البلدين بضرورة اقتلاع شجرة الإرهاب وتعزيز التسامح والتعايش ونشر القيم الإيجابية التي يتمتع بها الشعبان وتوظيف الجوانب الثقافية بأدوارها الطبيعية لإرساء الخير والفضيلة ونبذ العنف والكراهية أدى إلى تعميق أواصر الشراكة ودعمها من قبل قيادة البلدين حتى أصبحت الأكثر تميزاً ونموذجية بالنسبة للعلاقات بين الدول.