علي سعد الموسى

ثم تعالوا هذا الصباح لنقرأ الخيط الرابط المشترك في مشوار مشاريعنا الاستراتيجية الكبرى التي تحدث الفارق الحقيقي في التنمية. سندرك من أول وهلة أنها تتوقف أو تصاب بالبطء عندما تصل نسبة الإنجاز ما بين «70 – 80 %». بعدها تبدأ هذه المشاريع الكبرى رحلة طويلة تساوي من السنين أحياناً ضعف المدة لما أنجز من قبل.


هنا بعض الشواهد من حولي وحولكم: المدينة الجامعية شبه متوقفة منذ خمس سنين على الباقي من 20 % من حجم المشروع. المدينة الطبية عظم عار منذ عامين. المطار الإقليمي مجرد رافعات صدئة فوق القواعد. مطار جدة، وبلسان معالي الوزير، يحتاج لعام ونصف لإكمال مجرد 10 % الباقية، وهذا يعني أن المطار قد احتاج خمس عشرة سنة للانتهاء. مدينة رابغ الاقتصادية مجرد أشباه مبان إلا من حركة فندق وحيد، ومثلها مدينة جازان الاقتصادية التي اكتفت بمصفاة تكرير لم تكتمل بعد. مركز الملك عبدالله المالي على أبواب النهايات الأخيرة،
ولكن منذ عامين وفي آخر مرتين كنت بالرياض، سكنت في الفندق المقابل وكانت الملاحظة الأبرز أنني لم أشاهد به حركة لرافعة واحدة أو عامل. مترو الرياض لا يختلف عن كل النماذج السابقة.
هنا كل حديثي بعاليه عن المشاريع الكبرى التي كان لها أن تغير شكل البلد. عن الجامعات والمطارات والمدن الطبية والاقتصادية ومشاريع النقل العملاقة. هذه مسألة تستحق الانتباه وخذ في المثال الأخير أننا في أكثر من ثمان سنوات لم ننجز خط القطار الجوهري الوحيد لمسافة مجرد 400 كيلومتر، ولا زال عالقاً عند خط النهاية في النسبة العشرية المئوية الأخيرة.
كان لنا، وللبلد بأكمله، أن نقطف ثمار هذه المشاريع الاستراتيجية الوطنية جميعها على الأقل منذ ثلاث سنوات خلت. والقصة الأهم أننا صرفنا عليها مئات مليارات الريالات ثم توقفنا تماماً عند الشوط الأخير من السباق، وكأن هذه المليارات الهائلة لا تعني لنا شيئا. سنين طويلة مهدرة بلا عائد استثماري. حديث عن عشرات آلاف الوظائف التي ستوفرها هذه المشاريع ولكن تبقى الحقيقة المؤلمة: لم نستطع إكمال مشروع عملاق استراتيجي واحد حين اكتفينا بتدشين الأنفاق والأرصفة والحدائق. نصل إلى النسبة المئوية في العُشر الأخير، ثم نتوقف تماماً مثل الطائرة التي تقطع المسافة من نيويورك إلى جدة في أقل من الوقت لكنها تكتشف خللاً طائرياً على وشك الهبوط ثم تعود للتحليق في الأجواء لساعتين حتى تنزل العجلة. القصة صارخة مؤلمة.