علي نون

.. هي زبدة بضاعة إعلام الممانعة، على حقيقتها وروحها ونغمتها ولغتها. ولا شيء يفاجئ في ذلك.

إعلام مُدَّعٍ ومُنتحل صفة: أخذ المهنة إلى التراب وما دونه. واحترف التزوير وجعله مذاقاً فنياً! أدلج الشتيمة حتى صارت شعاراً ممانعاً. و«مارس» المهنة من دون أن ينسى طبائع العسس. استخدم القلم من دون أن يرمي بدلة الشبّيح والذبّيح. ووصلت معه أمراضه وعلله إلى حد السفور، وما عاد يرعوي!

يحكي عن حرّية الرأي وهو ينطق باسم استبداد عزّ نظيره في العالمين. ويرطن بحرّية المُعتقد وهو الذي لم يترك تحريضاً قاتلاً ضدّ «زملاء» في المهنة، فقط لأنهم في الجانب الآخر من الرأي والاعتقاد والرؤى والرؤيا يلغو بالديموقراطية ويدافع عن نظامَي بشار الاسد! وإيران! ويعلك بالقيم وهو عامل في منظومة لم تترك مكرمة إنسانية في هذه الدنيا إلا ومعستها بالنار! يتحدث عن الحق والضمير والطغيان، ويدّعي البراءة! وهو في الخلاصة مَن لعب على المكشوف دور حامي الشيطان في تبرير عمليات الاغتيال السياسي في لبنان. وفي تسويق الجرائم ضدّ الإنسانية في سوريا باعتبارها أداء مقاوماً ممانعاً لا بدّ منه!

هذا النوع من الإعلام المدَّعى حوَّل هذه المهنة إلى شيء شبيه بالكرنتينا! سوى أن السفاهة والنميمة والتشبيح والتحريض والاتهام والتخوين هي علل تعوّض عند هؤلاء، عن الحجّة والبيان وفصاحة الرأي. وتدلّ في الخلاصة على أزمة أخلاق موازية لأزمة شيزوفرانيا لمّاعة!

والمعضلة في هذا الأداء هي أن أصحابه يلعبون دور الضحايا في كل مرّة يلجأ فيها المتضرّر إلى القانون لأخذ حقّه!! كأن جلاوزة اللغة هؤلاء غير معتادين على وضعية مدنية مؤسساتية. أو يستغربون أن لا يفعل غيرهم مثلما فعل ويفعل أربابهم في كل مطارح سطوتهم وسلطتهم، ازاء أي اعتراض في الرأي والبيان والشعار والسياسة والدين والطائفة والمذهب والعرق!

الجريمة المنكرة في أعرافهم، أن السعوديين لجأوا إلى القانون لردّ أذى طالهم في دولتهم وسيادتهم وكرامتهم! والجريمة المنكرة في أعرافهم، أن السعودية تحتكم إلى الأطر نفسها التي يعتمدها جلّ هذا العالم المتحضّر، في البحث عن العدالة في مواضعها. ومقارعة الحجّة بالحجّة، والرأي بالرأي، والبيان بالبيان، والمنطق بالمنطق.

وتلك في جذورها مشكلة فعلية وحقيقية عند أهل «ثقافة» 7 أيار! المقدِّسة للعنف والإلغاء. والمحتكِرة الحق بتحديد الأخيار والأشرار! والآخذة من الشتم والسب وسفاهة اللغة واللسان برنامجاً متكاملاً يختصر كل ضنى المحاججة والمجادلة بالتي هي أحسن، وأسلم!

المشكلة في بعض النواحي، أن كل هذا الابتذال يُسمّى إعلاماً! وأي إعلام!