مساعد العصيمي

أعلم.. والكل يعلم أيضا.. مسوغات افتتاح الرئيس الأميركي دونالد ترامب زياراته كرئيس جديد بالمملكة العربية السعودية، ولا نشك أبدا أن الكل غربا وشرقا يدرك القيمة والتأثير السعودي وهو ما شددت عليه الإدارة الأميركية عبر خطاب ترامب مطلع الشهر الجاري حين حديثه عن أسباب الزيارة.

لكن ما يهمنا هنا القراءة الخاصة بالإعلام الغربي بصفة عامة والأميركي بصفة خاصة عن أسباب ذلك.

تحصلت على قراءات كثيرة، وما يبدو أنه متفق عليه بشكل أكبر يذهب إلى الأهمية الإستراتيجية للمملكة العربية السعودية سياسيا واقتصاديا.. فغير أنها مركز العالم الإسلامي وقبلته، والأكثر تأثيرا فيه وعليه، فهي من أكثر الدول جدية في محاربة الإرهاب والتطرف، أيضا إدراك الأميركيين والعالم أن الحل في سورية ومناطق النزاع يحتاج كثيرا إلى السعودية التي تجد احتراما كبيرا وتفهما لدورها الفاعل في إرساء السلام.

جانب آخر في الأهمية شدد عليه الإعلام في أوروبا وأميركا يذهب إلى المصلحة الإستراتيجية الكبرى المشتركة بين البلدين كقوتين اقتصاديتين مؤثرتين وما يتبع ذلك من مصالح حيوية اقتصاديا وسياسيا وفي الأخيرة للتعاون في محاربة التطرّف ولفرض السلام والهدوء في العالم والشرق الأوسط بصفة خاصة.. ناهيك عن صفقة الصواريخ بعيدة المدى التي يتوقع أن يتم إبرامها خلال الزيارة وهي التي ستعزز الأفضلية العسكرية السعودية المطلقة في المنطقة.

الإعلام الأميركي صحافة وقنوات مؤثرة وحسب قراءات كثيرة يرى أن في الزيارة أهمية كبرى لإصلاح العلاقة الاستثنائية بين الرياض وواشنطن التي زاد من توترها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بانحيازه السافر إلى إيران، وبما جعل الأخيرة تتمادى في عدوانها وإرهابها على دول عربية كثيرة، وهو ما أغضب السعودية ولم تعط للرئيس أوباما الأهمية والاستقبال الكبير اللذين كان يجدهما عادة الرؤساء الأميركيون حين زيارتهم للرياض.

ما اتفقت عليه القراءات أنه اعتراف أميركي بالدور الكبير الذي تلعبه الرياض عالميا وفي الشرق الأوسط على الخصوص، ولأهميتها الكبرى فإنه من الجدير أن تعمل السياسة الأميركية الآن على إصلاح ما أفسده أوباما.. والإعلام الأميركي شدد على هذا الجانب وقرأه ضمن أهم أسباب الزيارة.. والأهمية تأتي وحسب ذلك الإعلام أيضا من مركز السعودية عربيا وإسلاميا، وتأثيرها على الاقتصاد العالمي كأكبر مصدر للبترول.

رسالة ترامب بجعل السعودية أولى محطاته كانت للعالم أجمع وليس لجهة دون غيرها، ولعل أكثر من فهم هذه الرسالة وانحنى اعترافا بها قبل عدة أيام هو وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف الذي أبدى قلقه معترفا بأن مهاجمة السفارة السعودية العام الماضي كان خطأ كبيرا من بلاده بل إنه وصف الاعتداء بـ"الحماقة والخيانة التاريخية"، وكأنه يقر بالمتغيرات الكبيرة التي ستنعكس على إيران من جراء المستجدات على المنطقة التي من أهمها الاتفاق السعودي الأميركي على أن إيران دولة مارقة لا بد من إيقاف عبثها.

أهمية الزيارة لن تقتصر على البلدين، بل إنها ستكون مرتكزا لحوار أميركي عربي وإسلامي بحضور زعماء كثيرين للمشاركة، بعد قمة سلمان وترامب.. وبما يجعلها اجتماعا تاريخيا كبيرا "كما قال ترامب نفسه".

الأهم في القول أن العمل السعودي الكبير لإعادة الأوضاع بين السعودية وأميركا إلى سابقها والتأكيد على أهمية الرياض وتأثيرها على الشأن العالمي اقتصاديا وسياسيا يتنامى يوما بعد آخر، ولعلها أولى نتاج تولي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ملف العلاقات مع أميركا الذي أوجد اجتماعا لافتا للأمير مع ترامب شهر مارس الماضي وأثمر عن أول تغيير بروتوكولي تاريخي بقيام رئيس أميركي بافتتاح زياراته بعد توليه الرئاسة "وعلى غير العادة" بزيارة لبلد عربي وإسلامي.