حمد العامر

ترامب للعالم.. الشراكة الأمريكية السعودية أساس الأمن والسلم العالمي

ليعذرني القراء الكرام بالتوقف هذا الأسبوع عن مواصلة سلسلة مقالاتي (مجلس التعاون بعد ثلاثة عقود) لأكتب عن الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية المقررة في (23 مايو 2017م)، لما تحمله هذه الزيارة من أهمية بالغة على مستويات عدة سوف آتي على ذكرها في هذا المقال، على أن استكمل نشر سلسلة المقالات في الأسابيع القادمة وفي موعدها المعتاد.
تطورات الأحداث وراء الأطلسي وفي واشنطن بالتحديد حيث وزير الخارجية السعودي هناك منذ عدة أسابيع وبعد الاجتماع المهم الذي عقده سمو ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عادت عقارب الساعة الى الوراء بعودة العلاقات السعودية الأمريكية إلى سابق عهدها ودفئها في حدث تاريخي نادر، خصوصا بعد حالة التوتر الشديد جدا التي اعترتها طوال الثمان سنوات الماضية ولم تشهدها منذ حرب (1973م)، لتتنفس الولايات المتحدة الأمريكية الصعداء بفوز (دونالد ترامب) ووصوله إلى البيت الأبيض في (20 يناير 2017م) بعد حكم الديمقراطيين بقيادة الرئيس باراك أوباما وطاقمه الذي تنتمي إليه أبرز الشخصيات التي كانت وراء الأحداث المدمرة التي مرت بالوطن العربي منذ نهايات (2010م) بتخطيط أمريكي لتغيير الأنظمة القائمة في إطار تنفيذ خطة (الفوضى الخلاقة) التي أعدتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس منذ (أبريل 2005م) لتشكيل (الشرق الأوسط الجديد) كردة فعل مباشرة لهجمات (سبتمبر 2001م) باستغلال شعارات حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير بين صفوف الشباب العربي الذي تم إعداده للثورة على أنظمته القائمة عن طريق فوضى التحرك في الشوارع وتقديم الدعم اللازم لاستمرار ذلك، وأدت للإطاحة بعدد من القيادات العربية التي كانت بلا شك قيادات دكتاتورية يجب عليها إتاحة الفرصة لغيرها لإدارة شؤون البلاد من خلال التغيير الديمقراطي التعددي الهادئ الذي يأتي وفقًا لخطوات ثابتة ومدروسة بحسب ظروف كل دولة ودون أي تدخلات خارجية.
تعتبر زيارة الرئيس دونالد ترامب التاريخية إلى المملكة العربية السعودية المزمع القيام بها بتاريخ (23 مايو 2017م) كأول زيارة خارجية له بعد مرور مائة يوم على دخوله البيت الأبيض زيارة تاريخية ومهمة بكل المقاييس، وتحمل في طياتها رسالة قوية جدا حول أهمية الشراكة السعودية الأمريكية، خصوصا وأنه من المخطط أن يعقد ثلاث قمم هي: (الأمريكية السعودية)، و(الخليجية الأمريكية)، و(العربية الإسلامية الأمريكية) ستسفر جميعها -بلا شك- عن نتائج إيجابية على مستوى العلاقات (السعودية الأمريكية) من جانب، والعلاقات (العربية الأمريكية) من جانب آخر، خصوصا ما يتعلق بقضية العرب الأولى التي أبدى الرئيس ترامب اهتمامه بها وصرح خلال اجتماعه يوم الخميس الماضي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحرصه على تحقيق السلام بين الفلسطينيبن وإسرائيل.
ويمكن إيجاز أهمية الانطلاقة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكي نحو المملكة العربية السعودية في النقاط الآتية:
1. سعي الرئيس الأمريكي إلى حشد ائتلاف دولي ضد العنف والتطرف والإرهاب، فزيارة أهم دولة إسلامية ستليها زيارة مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان، وذلك كله من أجل حشد ائتلاف يضم مختلف الأديان والتوجهات، والسعي إلى تحقيق هدف واحد وهو مكافحة التطرف الراديكالي، وتوجيه رسالة تؤكد عزم الولايات المتحدة الوقوف مع قادة الدول أمام قوى الإرهاب الذي ترعاه بعض دول الشرق الأوسط وتحديدًا إيران التي امتدت أذرعها كالأخطبوط في عدد من العواصم العربية مثل (بغداد ودمشق وبيروت واليمن)، وسممت أفكار مواطني دول أخرى كالبحرين والسعودية بشعارات المظلومية لتثويرهم ضد دولهم وأنظمتهم الشرعية.
2. التأكيد على عمق العلاقات السعودية الأمريكية، وأهميتها الاستراتيجية للمصالح الأمريكية، خصوصا وأن العلاقات الاقتصادية السعودية الأمريكية بدأت منذ (مايو 1933م) في عهد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وأثبتت المملكة منذ ذلك التاريخ بأنها أهم مركز اقتصادي وسياسي وديني في العالم ولها دورها ونفوذها الواضح بين الدول الإسلامية في ظل توجهها المعتدل وقيادتها للمنهج الوسطي للإسلام.
3. توجيه رسالة (سعودية أمريكية) تحذيرية إلى إيران وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وغيرها من المنظمات الإرهابية، للتأكيد على أن التعاون والتنسيق بين الطرفين هو ركيزة مقاومة ومكافحة التطرف وتجفيف منابع تمويل الإرهاب أيًا كان مصدرها ومعالجة القضايا الإقليمية الصعبة المسببة لانعدام الأمن وانعدام الاستقرار، والتي تأتي على رأسها قضية الصراع العربي الاسرائيلي والأزمة السورية والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لمنطقة الشرق الأوسط.
4. إظهار التزام الإدارة الأمريكية بتحسين علاقاتها مع العالم الإسلامي، والتنسيق مع المملكة العربية السعودية للوصول إلى حلول ناجعة للقضايا الاقتصادية والمالية الكبيرة بين البلدين، والسعي الجاد مع المملكة لحل القضية الفلسطينية كونها صاحبة مبادرة السلام العربية لحل الصراع العربي الإسرائيلي التي أطلقها المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في (يونيو 2012م).
ومن المتوقع أن يصدر عن القمم الأمريكية الثلاث عدد من المبادرات المؤكدة على الاستراتيجية الأمريكية الجديدة مع العرب ضد الإرهاب العالمي الذي تقوده المنظمات الإرهابية وبعض الدول كإيران وأتباعها.