أمجد المنيف

من المتعارف عليه أن المؤتمرات والملتقيات المتخصصة، ورغم اهتمامها بموضوعات محددة، لا تقدم محتوى مقنعا في أغلب الأحيان، وتعتمد بالدرجة الأولى على طبيعة وأهمية الحضور والمشاركين، ولقاءات التواصل والتفاعل بينهم، وإيجاد مظلة جامعة تضمهم.. إلا أن هذه القاعدة تكاد تكون شبه معدومة، في "منتدى الإعلام العربي"، الذي يقدم محتوى نوعيا، ومشاركين أكفاء، وحضورا متخصصا.

ما يميز المنتدى، ومن خلال رصدي الذاتي له منذ سنوات، أنه يتطور ويتجدد سريعا، ويتفهم المعطيات والمتغيرات، ويكون بمثابة الإجابة لتساؤلات التوقيت. ما جعل منه مرجعا إعلاميا مهما، يتحدث على منصاته أهم العاملين في القطاع، والبارزون من الجهات ذات العلاقة والاهتمام. لذلك قال الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، إن "منتدى الإعلام العربي بيت للإعلاميين العرب".

هذا العام، أخذ المنتدى زاوية شبه منسية، أو يمكن القول إنها غير مطروقة في الإعلام والصحافة، بشكل مباشر، ويتم الحديث عنها على خجل كبير، تتمثل بـ"الحوار الحضاري" الواجب إشاعته، والغائب على العاملين في هذا القطاع. دور الإعلام رقابي بالتأكيد، وتحول مع الوقت حتى أصبح معرفيا أيضا، لكنه معني بملفات التسامح، ونبذ الكراهية والعنف والتطرف والإرهاب.

معظم المشاركين تحدثوا بثراء، كلٌ بحسب تخصصه وموضوعه، لكني أجدني منحازا لما قاله الصديق تركي الدخيل، مدير عام "قناة العربية"، عندما تطرق إلى أن الحوار الحضاري ثقافة كونية إنسانية، تعكس ثراء الوجود الإنساني وتلعب دورا مهما في عملية التواصل الفعال بين البشر.. وأكد أن وسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت من السمات المميزة للعصر الحالي، تم تطويعها في بعض الأحيان لنشر الطائفية والكراهية، حيث استخدمت التقنية الحديثة لتعزيز الفكر الرجعي، في حين كان من المفترض أن يتم استخدام هذه الوسائل المتقدمة وما توفره لنا من طرق اتصال حديثة، في تعزيز قيم الحوار والاختلاف.

ما لفت انتباهي كثيرا، هو ديناميكية التعاطي مع الوقت، واستحداث فكرة "جلسات العشرين دقيقة"، التي تستضيف نخبة من الإعلاميين للنقاش والحوار، في مواضيع على صلة بالإعلام ودوره، وتواصله مع الجمهور وغيرها.. وتضمن عدم اجترار الزمن والمواضيع المكرورة، والأهم ألا يتململ الحضور من أي تطويل. والسلام..