منيف الصفوقي

 إعلان حركة حماس الأخير قبول التسوية مع إسرائيل ضمن حدود عام 1967 يتعدى الشأن الفلسطيني إلى شأن إقليمي أوسع.

الحركة الفلسطينية تموضعت منذ توقيع اتفاقية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية في حضن إيران، ودافعت عن هذا التموضع بأن مبرره عدم وجود الظهير العربي من جهة، وأنها مع كل مَن يدعم القضية الفلسطينية. لكن الحركة تعرضت لهزات كبيرة نتيجة دورانها في فلك ولاية الفقيه الذي كشف عن مشروع شيعي تكفيري إرهابي هدفه الفتك بالمنطقة وأهلها؛ ما جعل حماس في موقف الشريك في الجريمة بمختلف تفاصيلها.

إعلان حماس الأخير يظهر أن هناك دفعاً في اتجاه الخروج من عار التبعية لنظام ملالي طهران؛ فالحركة الفلسطينية باتت تدرك أن رفع شعار تحرير فلسطين على شاشات التلفزيون لم يعد غطاءً ساتراً للإرهابيين الشيعة في لبنان والعراق وسوريا، وأن تحالفها مع الإرهاب الإيراني لم يجلب لها إلا نقمة شعبية في العالم العربي؛ فما هذا التحالف إلا رداء سني لستر الإرهاب الشيعي.

حماس قالت كلمتها، وأنها تدير ظهرها لإيران وإرهابييها. هذه النتيجة التي وصلت إليها حماس هي درس لكل فصيل إسلامي أو قومي سار في ركب ولاية الفقيه؛ فبعد نحو 20 عاماً وجدت حماس نفسها عربياً منبوذةً شعبياً، قبل أن تنبذ سياسياً من الأنظمة الحاكمة، والسبب علاقتها بإيران. ولولا التقدير للدماء الطاهرة من شهداء حماس وفلسطين بشكل عام لنال الحركة أقذع الأوصاف؛ فما دماء الأبرياء التي سفكتها إيران بأقل من الدماء التي تسفكها إسرائيل.

نظام ولاية الفقيه الإرهابي اليوم في حاجة أكثر إلى إعادة إنتاج أكاذيبه التي خدع بها السُّذج عقوداً من الزمان، لكن الوعي العربي الذي تشكل في العقد الأخير بلغ مداه، كاشفاً أن هذا النظام القاتل للأطفال لا يعدو كونه العدو الأول للإسلام والعرب، وأن التاريخ يعيد نفسه في هذه الزمرة من الإرهابيين التي كانت وبالاً على المسلمين منذ تفجيرها للفتن في القرن الهجري الأول، مروراً بنكبات الاجتياح المغولي للعالم الإسلامي، ومساهماتها في احتلال الصليبيين لفلسطين، ثم التآمر على الدولة العثمانية وإشغالها بالحروب والفتن لصالح أعدائها، وأن التاريخ الحديث لهذا الإرهاب القديم لم ينقطع؛ فتم العدوان على العراق في عام 1980، ثم شن هجمات إرهابية على المقدسات الإسلامية في المملكة، إلى جانب الإرهاب في دول الخليج، حتى جاءت ساعة الحقيقة بالحرب الإرهابية على العراقيين والسوريين واليمنيين من خلال ميليشيات الإرهاب الإيرانية بشكل مباشر، ومن خلال أتباعهم من الإرهابيين في تلك الدول.

خلاصة القول إن الشرعية لا يسع أحد الخروج عنها؛ فنظام الملالي -مهما حاول- لن يكون قائداً للعالم الإسلامي، وما يواجهه اليوم ليس إلا إخفاقاً جديداً يضاف إلى إخفاقات هذه الفئة المستمرة منذ 15 قرناً.

الشرعية في قيادة العالم الإسلامي تقررها الأمة الممتدة من أقصى شرق آسيا حتى أقصى غرب إفريقيا، والتي كانت تعهد بها إلى خُدّام الإسلام والمسلمين. أما الخونة فمهما تاجروا بالإسلام وادَّعوه فما لهم منا إلا اللعنات.