عبدالعزيز المقبل

صناعة النفط الروسية تعتبر من أقدم الصناعات في مجالها وتعود إلى ما قبل تكون الاتحاد السوفيتي؛ هذه الصناعة هي المحرك الرئيسي للاقتصاد الروسي والدول التي نشأت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فهم هذه الصناعة وتركيبتها وطريقة تكوينها يسهل على المتابع لشؤون روسيا فك الكثير من رموز التكونية السياسية والاقتصادية لروسيا، روسيا الدولة العظمى هي أقرب الدول العظمى جغرافيا الى الشرق الأوسط فلا غرابة بأن تكون الدولة الأسهل تواجدا في شؤون الشرق الأوسط.

حتما أن فترة الحرب الباردة كانت من أكثر الفترات حساسية في الصناعة النفطية العالمية والروسية تحديدا، فقبل تفكك الاتحاد السوفيتي كانت الصناعة النفطية هي العصب الرئيسي لدولة مترامية الأطراف وقوة عظمى تنافس على النفوذ والموارد، من المهم أيضا أن ندرك أن الغرب في تلك الفترة هو المستهلك الأكبر للنفط بمعدل ثلثي استهلاك العالم اليومي للنفط. الاتحاد السوفيتي والذي تشكل روسيا الجزء الأكبر منه كان المستفيد الأكبر من مداخيل النفط بحكم وفرة الإنتاج، المطامع لم تكن فقط في التنافس مع الاتحاد السوفيتي وإنما في مناطق داخل الاتحاد السوفييتي نفسه.

النظام الشيوعي والاشتراكي هيمن على سيكولوجية الفكر السوفيتي والروسي لمدة تفوق السبعين عاما. كما أن النظام العسكري ألقى بظلاله على الاقتصاد الروسي وحتى جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وهو ما يفرض أيضا فهم أعمق للطريقة التي كانت عليها التركيبة الصناعية الروسية وقت الاشتراكية وأحقية المجتمع في موارد الدولة وأحقية الدولة في تشغيل المجتمع بطرق بعيدة عن الرأسمالية والربحية. الادخار لم يكن جزءا من النظرية الاشتراكية إلا أن المدخرين ظهروا بعد نهاية الاشتراكية.

طريقة التحول الى اقتصاد حر في روسيا صاحبه الكثير من الأحداث التي شكلت الصناعة النفطية الحديثة. صاحبه أيضا الكثير من خارج روسيا الذين أصبحوا شركاء في النفط الروسي. موازين القوى كانت تتطلب أيضا شركاء في وصول النفط والغاز الروسي الى الخارج بعد سنين من الانغلاق الداخلي أبان الحقبة السوفيتية.

الأزمات الاقتصادية الثلاث 1991 و 1998 و 2008 شكلت كل على حده توجه جديد لصناعة النفط الروسية. التحالفات مع دول غربية لم يكن مطلب لروسيا لوحدها وانما لكل الدول من جمهوريات الاتحاد السوفييتي. بعدها انتقلت حمى التحالفات والمنافسات الى ما بين القادمين من الخارج. ضريبة هذه التحالفات كانت و لاتزال باهظة الثمن.

لاتزال روسيا ودول جمهوريات الاتحاد السوفيتي أرض خصبة للمزيد من التطورات في مجال النفط والغاز، يعود ذلك الى اتساع الرقعة الجغرافية والحاجة الماسة لتطوير الأقتصادات الجديدة.