بولا أسطيح

لم تهدأ الحركة التي يقودها في لبنان حالياً النائب جورج عدوان، نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية»، بمسعى لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأفرقاء وحل أزمة قانون الانتخاب، في الساعات الماضية. لا بل ارتفع منسوب التفاؤل بإمكانية تحقيقها الخرق المنتظر كحد أقصى نهاية شهر مايو (أيار) الحالي، وذلك بعدما أصبح النظام النسبي نقطة تلاقٍ بين كل القوى السياسية، وانحصر النقاش بعدد الدوائر والضوابط التي يصر عليها رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» لضمان وصول أكبر عدد ممكن من النواب المسيحيين بأصوات ناخبين مسيحيين.

موضوع تأجيل جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة يوم غد الاثنين لتمديد ولاية البرلمان للمرة الثالثة على التوالي، بات أمرا مفروغا منه، وإن كان رئيس المجلس النيابي نبيه برّي لم يصدر أي بيان رسمي في هذا الخصوص. إذ أوضحت مصادره أنّه «وبعد إعلان تأجيل الجلسة التي كان قد دعا إليها في 13 أبريل (نيسان) إلى 15 مايو لم يرفق قراره هذا بدعوة خطية للنواب لحضور هذه الجلسة من منطلق أن التطورات كانت متسارعة وكانت إمكانية تأجيل الجلسة مجددا تتقدم على غيرها من الإمكانيات. وبالتالي فإن إصدار بيان أو كتاب رسمي لتأجيلها من جديد خطوة لا لزوم لها». وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الطرح الذي تقدم به الرئيس برّي بوقت سابق لحل أزمة قانون الانتخاب والذي يقول بانتخابات نيابية على أساس ست دوائر وفق التصويت النسبي، واستحداث مجلس للشيوخ وفق التصويت الأكثري، تنتهي صلاحيته خلال 24 ساعة. ولفتت إلى أن رئيس المجلس غير متمسك بهذا الطرح في حال لم يسيروا به كما هو. وأضافت المصادر «يكثر الحديث حالياً عن إيجابيات فيما خص إمكانية الاتفاق على قانون جديد قبل 19 يونيو (حزيران) المقبل، إلا أننا لن نقول فول حتى يصير بالمكيول، من منطلق أن تجاربنا السابقة في هذا المجال غير مشجعة على الإطلاق».

ووفق المعلومات، فإن ما يعرقل إمكانية السير بمقترح الرئيس برّي، هو الخلاف على مجلس الشيوخ وبالتحديد صلاحياته والأهم رئاسته، باعتبار أن الدروز ومعهم رئيس البرلمان يصرّون على أحقيتهم برئاسته، بينما يصر «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) على أن الرئاسة يجب أن تكون من حصة المسيحيين بحجة «إذا ما اعتبرنا أن رئيس الجمهورية مسيحي ورئيسي الحكومة ومجلس النواب مسلمين». ومن هذا المنطلق، يتقدم البحث بحل لا يلحظ تشكيل مجلس شيوخ في المرحلة الحالية، بل ينص على اعتماد النظام النسبي بالكامل مع عدد من الدوائر يتراوح ما بين 10 و15 دائرة.

مصادر «التيار الوطني الحر» أن الضوابط التي يصرون عليها هدفها تأمين المناصفة الحقيقية التي ينص عليها اتفاق الطائف والتي لا تؤمنها النسبية الكاملة نظرا لاختلال التوزان العددي بين الناخبين والمسلمين والمسيحيين منذ عام 1990. ولفتت مصادر «التيار» في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الضوابط إما تكون باعتماد الطرح التأهيلي الذي ينص على إجراء انتخابات يؤهل فيها الناخبون المسيحيون عدداً من المرشحين المسيحيين فيما يرشح الناخبون المسلمون عددا من المرشحين المسلمين، على أن تجري انتخابات وفق النسبية الكاملة بعدها، أو يتم تحقيق هذه الضوابط من خلال تقسيمات الدوائر والصوت التفضيلي.

وأضافت المصادر العونية: «بعدما تم حسم موضوع اللجوء إلى النسبية يجري النقاش حاليا في هذه الضوابط». وهذا ما عبّر عنه، رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي قال إن «النسبية على أساس الدوائر المتوسطة يتقدّم على غيره من الطروحات الانتخابية»، مؤكدا أن «الانتخابات وإن تأخرت فهي حاصلة حتماً».

أما وزير المال علي حسن خليل (من حركة «أمل») فقال: «إننا لسنا أمام مهل مفتوحة وإن كنا نرى أن الفرصة ما زالت قائمة»، وقال: «نحن نريد قانونا لكل المسيحيين وليس لمسيحيين بعينهم كما يحاول البعض أن يفعل وأن يخطط. نطمح أن نصل إلى تفاهم قريب قبل انتهاء موعد المجلس النيابي». وأضاف خليل: «قد يحتاج القانون إلى ضوابط معينة. ولكن ليس الضوابط الطائفية والفئوية. فبقدر انفتاحنا، إياكم أن تفكروا ولو للحظة أننا ننطلق من موقع إرباك أو ضعف. بل نتحرك من موقع المسؤولية».

وعن موقف رئيس المجلس النيابي، قال خليل: «لا نريد الفراغ ولا التمديد لمجلس النواب. وموقف برّي واضح في هذا المجال... ولا نريد اعتماد القانون الذي تكرس فيه عدم التمثيل الحقيقي في الدورات الماضية. لكن سنكون حريصين على استمرار المؤسسات، ولا يظنن أحد أنه يستطيع إيقاع الفراغ في أي مؤسسة لأهداف ذاتية».

أما نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، فقال: «إننا على مفترق مهم والمجال مفتوح لتحقيق هدف الوصول إلى قانون انتخاب»، آملاً «ألا يتخطى التمديد للمجلس النيابي المهلة التقنية». وإذ أكد مكاري أن «هناك شبه إجماع على القانون النسبي ويبقى الاتفاق على التفاصيل التي تبدو قابلة للحل»، أشار إلى أن «فتح دورة استثنائية لمجلس النواب واجب وطني ويخدم مصلحة البلاد العليا»، لافتاً إلى أن «الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري سيمضيان بهذا القرار انطلاقا من موقعهما الحريص على مصلحة لبنان».

يُذكر أن الدورة العادية لمجلس النواب تنتهي نهاية الشهر الحالي وسيكون على رئيس الجمهورية الدعوة لدورة استثنائية لعقد جلسة يتم خلالها إقرار قانون جديد للانتخاب، وإلا تكون البلاد دخلت في فراغ برلماني مع انتهاء ولاية المجلس الحالي في 20 يونيو..