توفي أمس الأستاذ تركي بن عبدالله السديري، أحد أهم أعلام الصحافة السعودية والخليجية والعربية، عن عمر الـ73 عاما، بعد أن قضى 41 عاما يزاول مهنة الصحافة والإعلام، قدم خلالها صورة مشرقة للعمل الصحفي في المملكة وخارجها.

هيئة الصحفيين السعوديين تنعى السديري
ببالغ الأسى والحزن تنعى هيئة الصحفيين السعوديين الصحفي والكاتب ورئيس التحرير وأحد المؤسسين الرئيسيين للهيئة، ورئيسها لثلاث دورات متتالية، وأحد الرواد البارزين في الصحافة السعودية والخليجية والعربية، الرئيس السابق لاتحاد الصحافة الخليجية منذ مشاركته الفاعلة في تأسيسه الأستاذ تركي السديري.
فارس الكلمة، ومدرسة الصحافة، والذي تتلمذ وتخرج في مدرسته العشرات من المهنيين البارزين الذين تسنّموا قيادة مواقع صحفية بارزة. اكتسب فقيدنا وفقيد الصحافة والثقافة الأستاذ تركي السديري محبة الوسط الإعلامي والثقافي بتميزه في إدارته الصحفية، وقيادته دفة صحيفة الرياض لعقود عدة، استطاع أن يجعلها رقما صعبا في مقدمة الصحافة العربية رصانةً وتميزا صحفيا، ورافدا ماليا لمؤسسة اليمامة الصحفية. واستطاع الفقيد أن يؤسس علاقات متينة مبنية على الاحترام والتقدير مع قادة هذا الوطن ومسؤوليه، ومع عدد من قيادات الوطن العربي والإسلامي. ترك الفقيد بصمة له في قلوب أحبائه ومواطنيه ببساطة تعامله، وحسّه الإنساني العالي، ولذلك وجد فقده لوعة وفراغا في كل من عرفه أو تواصل معه، وتتقدم الهيئة بالعزاء والمواساة لأبنائه عبدالله، وأسامة، د. محمد، مازن، هيثم، وشقيقتيهم هند ولولوة، وإلى حرم الفقيد موزة الحقيل، وإلى جميع أسرة السديري والحقيل، والوسطين الإعلامي والثقافي في المملكة والعالم العربي، سائلين الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهمهم وأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
رحم الله فقيد الصحافة والوطن، الأستاذ تركي السديري، وأحسن الله عزاءنا وعزاء الوسط الإعلامي السعودي والعربي.

اتحاد الصحافة الخليجية ينعى السديري
ينعي اتحاد الصحافة الخليجية وفاة الصحفي الكبير عميد الصحافة السعودية والرئيس السابق لاتحاد الصحافة الخليجية وأحد مؤسسيه الأستاذ تركي بن عبدالله السديري الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، بعد حياة حافلة بالعطاء والمثابرة والاجتهاد، قضاها في خدمة الكلمة الحرة وفي التأسيس لصحافة نزيهة وقادرة على قيادة المجتمع الخليجي والارتقاء به. وبهذه الفاجعة الأليمة خسر الوسط الصحفي والإعلامي الخليجي واحدا من الصحفيين المخضرمين، والذي يعد من أبرز القيادات الصحفية في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون، وتتلمذ على يديه عشرات الصحفيين. ويتقدم اتحاد الصحافة الخليجية بخالص العزاء وجزيل المواساة لأسرة الفقيد وللوسط الصحافي والإعلامي السعودي والخليجي بهذا المصاب الجلل، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.«إنا لله وإنا إليه راجعون». 
أمين عام اتحاد الصحافة الخليجية -عيسى الشايجي

اتحاد الصحفيين العرب ينعى الراحل
نعى الاتحاد العام للصحفيين العرب الصحفي تركي السديري عميد الصحافة السعودية والخليجية، بعد حياة حافلة بالعطاء والمثابرة، كان فيها مثالاً للنضال والشجاعة في الدفاع عن الحريات ومهنة الصحافة وكرامة الصحفيين والقضايا العربية. ووصف الاتحاد في بيان له أمس وفاة السديري بالخسارة الفادحة للصحافة العربية، وأن مسيرته المضيئة ستظل نبراساً في العمل النقابي والصحفي تتعلم منه الأجيال الجديدة. وتقدم الاتحاد العام للصحفيين العرب بخالص تعازيه إلى رئيس هيئة الصحفيين السعوديين رئيس اتحاد الصحافة الخليجية، وأسرة الفقيد وأسرة الصحافة العربية في كافة أرجاء العالم العربي. داعيا الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وينزله فسيح جناته.

لقاء: تــــركي عبــدالله السديري
لقد تركنا ذلك الرجل نشاغب في الصحافة قبل ربع قرن، بل ويدافع عنا حين يشكونا أحد مسؤولي المرافق.. تركنا نشاغب ونكرر الكلام عن سيول البطحاء وهدميات دخنة والتدني الصحي في مطاعم شارع حلة العبيد وتكاثر حفريات شارع الخزان.. وازدحام الباعة في المقيبرة وندرة وجود الفنادق وكلام كثير.

النباتات الصحراوية هي غالبا نباتات صبورة وقورة.. بخيلة.. لأنها تنمو ببطء وتحتمل الجفاف وتقبض بأطرافها الشوكية على النادر من مياهها، بينما ما يسمى بالنباتات الشيطانية المتمددة تتواجد في المناخات الرطبة، لكن المدن هنا عكس النبات.. الرياض نبتة تمددت وتفرعت فاحتوت طرق القوافل ومجاهل ذلك الذي «ضواه الليل دون مغرزات» لتصبح أحياء أنيقة راقية للغاية.. الرياض قلت في السابق إنها حلم رجل.. لوحة فنان..

لقد تركنا الأمير سلمان ننشر بإسهاب عن مطالب التخلص من تبعات تغيير ذلك الوجه الشاحب المتواضع كي يجعلنا نحن أنفسنا نعايش الدهشة في كل مرة نتعرف فيها على ملامح فتون جديدة في ذلك الوجه.. وكأننا قادمون من خارجها..

نحن أبناء ذلك الجيل ـ وهم رجولة هذا العصر ـ الذين عايشوا توقد سنوات مرحلة منتصف الخمسينات ومنتصف الستينات.. هم بشر لهم أهمية خاصة.. جيل ثمين جدا لأنه عايش تجارب نفسية واجتماعية ووطنية ليس من السهل أن تتكرر الآن.. حين تراهم أبناء ذلك الجيل الثمين.. وهم كثيرون فعليك أن تتأمل حياتهم بعناية.. إنها قصة زمن هام في حركة تاريخ يصعب أن تهمل.. ستجد بينهم من اكتفى بنعمة الإدراك حتى ولو فرط بالكثير من خصوصيات معاناته وعلاقاته وهؤلاء أقلية راقية.. وستجد من ترك المواقع الأولى وشعر أن ما خسره فيها حالما لن يعوضه إلا بالالتفاف على المال أو المركز، كما ستجد من أدرك ضعف قدراته الخاصة فاتجه إلى حيل الثقافة أو الأكاديمية ـ وهم الأخطر ـ كي يجعل المال يأتي وكأنه يعتذر منه في الوصول متأخرا ويبدو وهو في دهاء المجادلة وكأنه يعتذر في قبوله..

هناك شعوب ألفت حياة رتيبة متواصلة.. ملامح الفقر باقية بمن يمثلون تلك الملامح لعشرات السنين إن لم تكن مئاتها.. تصاعد الأزمات الاجتماعية بذات المواصفات كالسكن والزواج والنقل والتغذية أيضا على مدى ليس بالقصير من الزمن.. هؤلاء أنماطهم كثيرة بين العرب وفي أفريقيا وآسيا.. قد تلمع مظاهر اكسسوارات الزينة على ملامح محددة ومعينة من أحياء المدينة والأقلية من سكانها إلا أن ذلك لا يكون مؤشرا لتغيير عام..

لا نريد لذاكرتنا أن تنسى ملامح المتاعب من حولنا ولا ملامح المخاطر قريبا منا.. أو حقيقة أننا في رهان مع زمن محدود وإمكانيات متغيرة.. ما لم نودع في ذاكرة جيلنا الحاضر ما هو جدير أن يرويه للجيل القادم من جدية الملاحقة وذكاء المتابعة فإننا لن ننجح في وضع جيلنا القادم في زمنه اللائق به حضاريا مثلما نجح الجيل السابق في القفز بنا أزمنة كثيرة حتى وصل بنا إلى زمن مجتمعات النخبة البشرية..

السياحة الداخلية ضرورة لابد من تلاقي كل الجهود لإنجاحها مع الترغيب عند التنويع بالسياحة العربية التي ما زال روادها يتكدسون بالمدن الحارة دونما أي اهتمام بالسواحل والمرتفعات، وهم يقصدون المدن كي «يتفرجوا» على بعضهم.. ولا أتصور أن حفلة غنائية لفنان متمكن وواسع الشعبية مثل محمد عبده ستكون كافية لإنجاح السياحة الداخلية، الناس يريدون مطاعم متنوعة الهوية، حدائق عامة، مجمعات سكنية مريحة، مدن ألعاب..

هناك شخص ـ بالنسبة للمعرفة ـ يعيش فعلا في بداية القرن الحادي والعشرين لكن بجانبه آخر لم يغادر بعد القرن العشرين وثالث في مكان آخر حتى ولو ركب سيارة حديثة وتفيأ ظل حديقة جميلة واستلقى على أريكة مترفة وتعددت مذاقات طاولة طعامه فإنه بالنسبة للمعرفة ما زال في بداية القرن العشرين إن لم يكن لم يصل إليه بعد..

لا يستطيع إنسان أن يستمتع بالحياة ممارسة وأملا وخيالا وأفكارا وإنتاجا وهو يستحضر حقيقة الموت في كل ساعات حياته، ولو لم يفعل ذلك لما كان ممارسا فعليا للحياة ولكنه متوقف في حالة انتظار، قلق لوصول الموت كي يأخذه معه في عربته.. هذه هي الناحية النفسية التي تنسجم مع حقيقة «عش لدنياك كأنك تعيش أبدا وعش لآخرتك وكأنك تموت غدا».

طبعا هذا كله لا علاقة له بأن تكون ملتزما أو متشددا أو تكون علمانيا أو ليبراليا ولكن له كل العلاقة الوثيقة بأن تكون ممارسا فعلا للاستفادة من إمكانات قدرات بلدك المتنوعة.. الهائلة النتائج قريبا.. الأمر الذي سيجعل التصاعد الحضاري يحتوي كل الناس برفاهية حتى ولو اختلفت وجهات نظرهم.. وليس مجتمعا بشريا من ليست تختلف فيه وجهات النظر..

لا تعتقدوا أن التدين ظاهرة سعودية فهو موجود في كثير من الدول العربية مثل مصر وسوريا والعراق وجنوب لبنان وباكستان وأندونيسيا لكنه طبيعة سعودية..... الجهادي الذي حقن بواسطة مشايخ التكفير من ناحية والمسيسين الإسلامويين من ناحية أخرى الذين صوروا له أن موته مجاهدا ضد مسلمين مثله هو رحلة مريحة إلى الجنة وأنه إذا كانت الدنيا العازف هو عن زينتها محاطة بخط دائري، فإن على حافته الخارجية تقف الحور العين متشوقات إلى قدومه.. وهذا الجهادي لا يحاكم عصره فقط ولكنه يحاكم التاريخ الإسلامي بكامله منذ مقتل الخليفة عثمان بن عفان.

العالم العربي ليس قبائل إفريقية تصحو مؤخرا على ثقافات معاصرة، وليس معاقا مثل بعض مجتمعات أمريكية جنوبية دمرت قدرات نهوضها، ولكنه صاحب إرث حضاري كبير.. ثقافي وعلمي واجتماعي كان الأولى به أن يكون أول المتأثرين بالثورة الصناعية الأوروبية، وأسبق المستفيدين من الانتشار العلمي المذهل الذي برع فيه الأمريكيون في منتصف القرن الماضي.. وبالتالي فلم يكن لزاما على العالم العربي أن يضع نفسه بين حالات خيار.. شيوعية روسية كما في الماضي أو ديموقراطية أمريكية كما في الحاضر، أو هروب وعجز عن إدراك حقائق الواقع كما هو حال التطرف الإسلامي..

تركي بن عبدالله بن ناصر السديري

صحفي وكاتب ورئيس تحرير سابق

ولد سنة 1363 بمدينة الغاط التابعة لمنطقة الرياض

تلقى تعليمه بمدينة الرياض

تدرج في عمله بصحيفة الرياض حتى أصبح رئيسا لتحريرها عام 1394 وحتى قبول استقالته في 16 شوال 1436 لمدة 41 عاما

أطلق عليه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لقب «ملك الصحافة»

انتخب أول رئيس لاتحاد الصحافة الخليجية منذ عام 2005 وحتى قبل شهور قليلة

توفي الأحد 18 شعبان 1438 الموافق 14 مايو 2017م