عبدالله بن بجاد العتيبي

«داعش» ‬تنظيم ‬إرهابي ‬صريح، ‬وهو ‬تبنى ‬التوحش ‬والبشاعة ‬في ‬أقسى ‬صورها. ‬يستنكر ‬كل ‬إنسانٍ ‬لمجرد ‬الإنسانية ‬كل ‬جرائمه ‬ومجازره، ‬ولكن ‬ثمة ‬أطرافا ‬ليست ‬جادة ‬في ‬محاربته، ‬بل ‬ربما ‬ساعدته ‬بشكل ‬أو ‬بآخر، ‬هذه ‬الأطراف ‬هي ‬الإدارة ‬السابقة ‬للولايات ‬المتحدة ‬الأميركية ‬والنظام ‬الإيراني ‬ورموز ‬الإسلام ‬السياسي ‬وعلى ‬رأسهم ‬جماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين». ولشرح ‬هذه ‬الأدوار، ‬فإن ‬إدارة ‬أوباما ‬جاءت ‬مساهمتها ‬من ‬عدم ‬الجدية ‬في ‬محاربة ‬«داعش» ‬بسبب ‬من ‬رؤيتها ‬السياسية ‬الخاطئة ‬التي ‬كانت ‬تنبع ‬من ‬التحالف ‬مع ‬خصوم ‬أميركا ‬وحلفائها ‬في ‬المنطقة ‬وذلك ‬بالتحالف ‬مع ‬حلفاء «‬داعش» ‬أي ‬النظام ‬الإيراني ‬وجماعة ‬الإخوان ‬المسلمين، ‬وهي ‬رؤيةٌ ‬لم ‬تنفضح ‬سياسة ‬أميركية ‬بمثل ‬ما ‬انفضحت ‬بمجرد ‬مغادرة ‬صاحبها ‬البيت ‬الأبيض.

يتزامن ‬نشر ‬هذا ‬المقال ‬ورِكاب ‬صاحب السمو الشيخ ‬محمد ‬بن ‬زايد ‬آل نهيان ولي ‬عهد ‬أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ‬تحط ‬في ‬الولايات ‬المتحدة ‬الأميركية ‬في ‬زيارة ‬رسمية ‬أعلن ‬البيت ‬الأبيض ‬ترحيبه ‬بها ‬وتطلعه ‬لنتائجها، ‬وذلك ‬في ‬توجهٍ ‬جديدٍ ‬لإدارة ‬الرئيس ‬ترامب ‬لإعادة ‬بناء ‬التحالفات ‬القديمة ‬لأميركا، ‬وعلى ‬رأسها ‬الحلفاء ‬في ‬منطقة ‬الشرق ‬الأوسط ‬ومنهم ‬دون ‬شك ‬دولة ‬الإمارات ‬العربية ‬المتحدة. الرئيس ‬ترامب ‬جاد ‬كل ‬الجدية ‬في ‬محاربة ‬«داعش» ‬بعكس ‬سلفه ‬كما ‬تقدّم، ‬وهو ‬جاد ‬في ‬إعادة ‬التوازن ‬الدولي ‬في ‬المنطقة، ‬ولديه ‬ولدى ‬رموز ‬إدارته ‬وضوح ‬في ‬رؤية ‬حلفاء ‬«داعش» ‬في ‬المنطقة، ‬وهو ‬النظام ‬الإيراني ‬وجماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين».

يزور صاحب السمو الشيخ ‬محمد ‬بن ‬زايد ‬البيت ‬الأبيض ‬وقد ‬تطوّر ‬الدور ‬السياسي ‬والمكانة ‬السياسية ‬لدولة ‬الإمارات، ‬فهي ‬شريك ‬فاعل ‬في ‬التحالف ‬الدولي ‬لمحاربة ‬«داعش»، ‬كما ‬أنها ‬الدولة ‬الثانية ‬في ‬الثقل ‬السياسي ‬والعسكري ‬في «‬التحالف ‬العربي»، ‬الذي ‬يحقق ‬الانتصارات ‬على ‬أذيال ‬إيران ‬في ‬اليمن، ‬وهو ‬كذلك ‬عضو ‬فاعل ‬في ‬تحالف ‬الدول ‬المسلمة ‬لمحاربة ‬الإرهاب.

دعمت ‬الإمارات ‬برؤية ‬صاحب السمو الشيخ ‬محمد ‬بن ‬زايد ‬استقرار ‬البحرين ‬بعد ‬ما ‬كان ‬يعرف ‬بـ«الربيع ‬العربي»، ‬كما ‬ساهمت ‬بدورٍ ‬فاعلٍ ‬في ‬إنقاذ ‬مصر ‬من ‬هيمنة ‬جماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين»، ‬وهي ‬مستمرة ‬في ‬دعم ‬استقرار ‬مصر، ‬كما ‬أنها ‬لعبت ‬مؤخراً ‬وبرعاية ‬مباشرة ‬من ‬صاحب السمو الشيخ ‬محمد ‬بن ‬زايد ‬دوراً ‬مهماً ‬في ‬دفع ‬الملف ‬الليبي ‬نحو ‬انفراجة ‬سياسية ‬جديدة، ‬تمثلت ‬في ‬لقاء ‬بين ‬رئيس ‬حكومة ‬الوفاق ‬الوطني ‬الليبية ‬فايز ‬السراج ‬وقائد ‬الجيش ‬خليفة ‬حفتر.

‬بينما ‬كان ‬أوباما ‬يدعم ‬الأصوليين ‬من ‬جماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين» ‬كان ‬الوعي ‬المتقدم ‬لصاحب السمو الشيخ ‬محمد ‬بن ‬زايد ‬يقود ‬المنطقة ‬نحو ‬تجريم ‬جماعة ‬«الإخوان ‬المسلمين» ‬ووصفها ‬بالإرهابية، ‬وهو ‬ما ‬يبدو ‬أن ‬إدارة ‬ترامب ‬تفكر ‬فيه ‬بجدية. هذه ‬زيارة ‬مستحقة ‬لقائد ‬من ‬قادة ‬المنطقة ‬ثبتت ‬صحة ‬رؤيته ‬ونجاح ‬سياساته ‬وقوة ‬تحالفاته، ‬وهو ‬أمر ‬طبيعي ‬ومهم ‬لكل ‬ملفات ‬المنطقة، ‬بحيث ‬سيسمع ‬الرئيس ‬ترامب ‬ما ‬يخدم ‬مصالح ‬الدول ‬العربية ‬في ‬كل ‬الملفات، ‬ولكنها ‬زيارة ‬تميّز ‬منها ‬غيظاً ‬طرفان: ‬إيران ‬و«الإخوان»، ‬ولئن ‬خفت ‬لهجة ‬إيران ‬بسبب ‬الضغوط ‬الكبيرة ‬عليها ‬فإن ‬أتباع ‬الإسلام ‬السياسي ‬عامةً ‬هاجموا ‬الزيارة ‬قبل ‬أن ‬تحدث، ‬واستمروا ‬في ‬حملة ‬الإرجاف ‬بين ‬السعودية ‬والإمارات ‬بشكلٍ ‬مخزٍ ‬وتأويلات ‬سمجة. إيران ‬غير ‬جادةٍ ‬في ‬محاربة ‬«داعش»، ‬بل ‬كانت ‬لها ‬أدوار ‬مهمة ‬في ‬دعمه ‬في ‬مرحلة ‬سابقة ‬وأغلب ‬أسلحة ‬«داعش» ‬الحديثة ‬حصل ‬عليها ‬بعدما ‬فرّ ‬جنود ‬نوري ‬المالكي ‬من ‬الموصل ‬تاركين ‬عدتهم ‬وعتادهم ‬لـ«داعش» ‬لتحصل ‬عليه ‬بثمنٍ ‬بخسٍ.

جماعة ‬الإسلام ‬السياسي ‬ورموزها ‬غير ‬جادة ‬في ‬محاربة ‬«داعش»، ‬فهي ‬ابنتها ‬المباشرة، ‬وهي ‬متحالفة ‬معها ‬في ‬أكثر ‬من ‬مكان، ‬وبالذات ‬في ‬مصر، ‬ورموز ‬الإسلام ‬السياسي ‬في ‬دول ‬الخليج ‬تحديداً، ‬وإن ‬حذروا ‬من ‬«داعش»، ‬إلا ‬أنها ‬ليست ‬أولوية ‬في ‬خطابهم ‬وتحذيرهم ‬منها ‬بارد ‬بلا ‬طعمٍ ‬ولا ‬لونٍ ‬ولا ‬رائحة، ‬وهم ‬سادة ‬التجييش ‬والتحريض ‬لو ‬أرادوا ‬ولكنهم ‬غير ‬جادين.