سمير عطا الله

 اللغط القائم في واشنطن حول علاقة الرئيسين الأميركي والروسي، غير مفهوم. منذ الحملة الانتخابية قال دونالد ترمب إن صداقة تربطه بالند الروسي، ومنذ ذلك الوقت، وثمة من يطارد مظاهر هذه الصداقة. وخلال حملته الانتخابية لقيت مواقف كثيرة معارضة، مثل الجدار المكسيكي، أو السفارة في القدس. لكن أن يكون هناك انفراج حقيقي في العلاقة بين الدولتين العظميين، فهذا ما يتمناه العالم أجمع بعدما دفع ما دفع من أثمان للحرب الباردة بين الفريقين.
لا نعرف ما هي المخالفة الدستورية في أن يبلغ ترمب وزير خارجية روسيا معلومات عن مخططات «داعش» التي يتحالفان في محاربتها. الرئيس الأميركي لم يقم ببيع معلومات تهدد الأمن القومي، ولا وشى بحليف من حلفاء أميركا، بل قال ما قاله في محضر رسمي مدوّن ومسجّل. وكان رد فعل الإعلام الأميركي انتقامياً ومبالغاً فيه، بالإضافة إلى أنه جزء من «الاغتيال المعنوي» الذي لم يتوقف لحظة. وهذا الاغتيال يُضعف السياسة الخارجية الأميركية، وليس ترمب، في الوقت الذي كان يمهد لأهم خطوات تاريخية من خلال جولة لم يرسمها أحد من قبل.
يحاول ترمب أن يحقق اختراقاً تاريخياً في السبات الذي داهم البيت الأبيض خلال عهد أوباما. أولا بإقامة شراكة استراتيجية دائمة مع العالم الإسلامي، تزيل البلادة التي وسمت سياسة أوباما. وثانياً، تجاهل تصريحات بابا الفاتيكان المعارضة له، ويقوم بزيارته، من أجل أن يدعم مشاريعه السياسية. وثالثاً، يقوم بزيارة إسرائيل، لكي يستطيع أن يعلن خطة متعلقة بالقضية الفلسطينية، لا نعرف إلى الآن ما هي تفاصيلها، لكننا نعرف أنه أطلع عليها الملك عبد الله بن الحسين والرئيس محمود عباس.
لن يحل كل شيء في يوم واحد، أو زيارة واحدة. هذه جولة مبادئ عامة للإدارة الجديدة. لكن الحرب الإعلامية القائمة داخل الولايات المتحدة انحدرت إلى مستويات شديدة التدني والانحطاط. وتجاوزت كل ما سبق من مواجهات بين الصحافة والبيت البيض. ولا شك أن ترمب أخطأ في عناده لأنه يعرف مدى ما يمكن أن يصل إليه الإعلام في الغرب من تدمير عشوائي. وما يهمنا في كل ذلك استمرار التفاهم الروسي الأميركي لعل المنطقة تبدأ بالخروج من هذا الأتون الحارق.. .