حسين شبكشي

تابع العالم عموما والعالم العربي منه تحديدا وقائع تنظيم وفعاليات القمم الثلاث المحورية التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، وكانت فيها قمة خادم الحرمين الشريفين ووفده الرسمي مع الرئيس الأمريكي الزائر دونالد ترمب ووفده، وبعد ذلك مراسم الاحتفاء به وبأسرته ووفده وفعاليات كل ذلك. ثم في اليوم التالي كانت القمة الخليجية التي جمعت الرئيس الأمريكي بقادة دول مجلس التعاون الخليجي،

وبعد ذلك القمة الإسلامية الأمريكية والتي جمعت أكثر من 50 زعيما إسلاميا في سابقة مهمة مع سيد البيت الأبيض. وقد نجحت السعودية نجاحا باهرا في استضافة الحدث الكبير وإدارة الفعاليات الهائلة من حوله سواء أكانت ثقافية أو رياضية أو اقتصادية بشكل فيه الكثير من الدقة والإبهار سواء أكان من الناحية التنظيمية أو نوعية الضيوف والمواضيع المقدمة. باختصار السعودية فاجأت العالم وأبهرته. مؤتمرات قمم منظمة على أهم ما يكون سواء من الفعاليات أو الأمن أو القدرة التجهيزية. والأهم هو إعادة العلاقات السعودية إلى نصابها مع القوة الأهم في العالم اليوم. إنها إعادة تمركز للعلاقة وإعادة إطلاقها مجددا تماما كما بدأت في لقاء الملك المؤسس عبدالعزيز مع الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت والذي دشنت فيه علاقة صداقة استثنائية قرأ فيها الملك المؤسس الوضع الدولي قراءة فراسة ودهاء، فعرف أن هناك قوة بريطانية إلى أفول وقوة أمريكا هي الأهم والصاعدة، وكانت نظرته كما أثبتت الأيام هي السليمة. واليوم ها هو التاريخ يكرر نفسه مع الابن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والحفيد ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهندس إعادة العلاقة مع أمريكا. فقد لعب الأمير محمد بن سلمان دورا محوريا جبارا في تسويق المملكة مجددا للولايات المتحدة الأمريكية على أنها نقطة الارتكاز السياسي والاقتصادي لها ومعها في العالم العربي والاسلامي، والمسألة ليست كما يروج بعض السذج إنها مجرد صفقات مالية فقط، الأمر أعمق من ذلك بكثير فهو شراكة واستثمار طويل الأجل وبناء مجموعة من المصالح المهمة والاستراتيجية اللافتة. هناك علاقة جديدة يتم تكوينها بين السعودية وأمريكا بعيدا عن النفاق السياسي القديم، لقد كانت فترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر فترة مهمة لإعادة بناء الثقة ووضع الأمور على الطاولة ومناقشة أبعاد كل المواضيع التي كان لا يتم الحديث عنها صراحة وعلانية. واليوم الجهد المبذول من قبل ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإعادة بناء العلاقة على أسس مصالح ومشاركات فيها استفادة لأكبر قدر ممكن من القطاعات لتعم الفائدة بشكل عريض، وتكون الشراكات بين شعبين وحكومتين بشكل متكامل بدلا من حكومتين وشركات نفط وسلاح. هناك شراكة جديدة يجري بناؤها بين البلدين شراكة فيها مصالح ولكن أيضا إدراك لقيمة كل بلد للآخر بعيدا عن لغة السياسة فقط. السعودية تمكنت بمهارة من استثمار كامل قواها الناعمة من اقتصاد وريادة العالم الإسلامي ومكانتها التاريخية لكسب القوة الأعظم معها وبناء حلف حقيقي مع القوى المهمة في المنطقة مثل مصر والأردن والإمارات، ورفض أي قوة إقليمية أو عربية تؤجج الصراعات الطائفية والسياسية تحت مسمى الدين وبالتالي «عزلت» تلك القوى بشكل محترف. السعودية بهندسة محمد بن سلمان أعادت الثقة إلى العلاقة الأمريكية معها والمشهد القديم الذي جمع الملك عبدالعزيز مع روزفلت على الباخرة كوينسي يتجدد مع الملك سلمان والابن محمد بن سلمان في نسخة عصرية للعلاقات بين أمريكا والسعودية ولكن بأسباب وأهداف جديدة ومختلفة.