ياسر الغسلان

من الواضح أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس ترمب للمملكة وحققت نجاحا لافتا ليس بشهادتنا نحن، بل بشهادة العديد من المحللين الدوليين الذي يقيسون النجاح والخسارة من منطلقات ما تنتجه من فوائد وتوازن في المصالح بين الأطراف، أقول من الواضح أنها أثارت حفيظة الملالي في طهران وساستهم المعممين، فأميركا ومن خلال اختيار الرئيس ترمب للمملكة كوجهة أولى لرحلته أرسلت للعالم الإسلامي رسالة واضحة بأنها تراهن على الدولة القوية المعتدلة المعنية بوحدة المنطقة واستقرارها لا مع دول التثوير والتشتيت والتشدد.
خرج الرئيس روحاني في مؤتمر صحفي في أعقاب انتخابه رئيسا على الجمهورية الإيرانية ليوجه كل صواريخه الكلامية باتجاه السعودية وأميركا، في تعبير واضح عن حالة الغضب التي تتحكم بنفسية قادة الدولة الفارسية من التقارب الكبير بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية، بل من التطابق الكامل في نظرة الدولتين باتجاه إيران، فركز بشكل لافت في مؤتمره بهدف التقليل من مؤتمرات الرياض التي جمعت خمسة وخمسين دولة إسلامية ووقعت فيها اتفاقيات إستراتيجية وعسكرية واقتصادية، وافتتح فيها أكبر مركز عالمي في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف الذي له في إيران منبع وكيان.
قال روحاني إن «الاجتماع في السعودية كان استعراضا بدون أي قيمة سياسية، لقد سبق أن نظمت السعودية مثل هذه العروض في السابق»، والرد عليه لا يحتاج الكثير من التفكير، فهل المؤتمرات التي تعقدها طهران مع جماعات مسلحة وحكومات غير معترف بها دوليا هي التي لها قيمة سياسية! هل اجتماع خمسة وخمسين دولة إسلامية في أرض الحرمين، ومع رئيس أكبر دولة في العالم، ووقعت على هامشه صفقات بمئات المليارات من الدولارات ليس له قيمة، بينما إعلام نظامك لا يترك فرصة للقاء هامشي لك أو لفريقك إلا ويهلل ويعلن كم هي فارس عظيمة!
في إشارة إلى الاتفاقات التي وقعتها الرياض مع ترامب وتجاوزت قيمتها 280 مليار دولار، قال الرئيس الفارسي «لا يمكنكم حل مسألة الإرهاب من خلال منح أموال شعبكم إلى قوة كبرى»، هل التغلب على الإرهاب يكون من خلال خلق جماعات وأحزاب كما اعترفت في خطابك هذا عندما قلت بأن «الذين قاتلوا ضد الإرهابيين هم من الشعبين العراقي والسوري ويساعدهم المستشارون العسكريون الإيرانيون وسنواصل القيام بذلك»! هل خلق جيش قوي متطور أمر يرعبكم ليصل بكم الحال لهذا التحليل الساذج، أم لأنه سلاح تعلمون جيدا أنه سيكون شوكة بيد الشعب السعودي على كل من تسيره أحلامه في التمدد الطائفي، نحن نشتري بمالنا السلاح ليكون يدنا الرادعة التي ستوقف كل معتد آثم في سورية واليمن وغيرهما كما ردعناهم في البحرين.
حالة التناقض في المواقف للرئيس روحاني تنكشف بين قوله إن اختياره رئيسا بدلا من منافسه المتشدد إبراهيم رئيسي كان بمثابة رسالة إلى العالم أن طهران جاهزة للتوافق مع المجتمع، وفي ذات الوقت يقول لهذا العالم «يجب أن تعرفوا أنه عندما نحتاج إلى إجراء تجارب صاروخية من الناحية الفنية سنقوم بذلك ولن نطلب إذنا من أحد، صواريخنا هي للدفاع ومن أجل السلام، وليست مصنوعة للهجوم»، ولكني لا أفهم كيف تكون للدفاع وهي ترسل باتجاه المملكة من قبل عملاء إيران الحوثيين، كيف تكون للسلام، وهي تدك القرى والمدن السورية، كيف تكون كما تدعون وهي سلاح بيد جماعة ترهب به المواطنين قبل الخصوم في لبنان.
النتيجة أيها السيد الرئيس هي أن كل شيء تغير في المنطقة عما كان عليه الحال قبل عامين، والنزهة التي استمتعتم بها انتهت، وحان الوقت لأن تفيقوا من سكرة العداء التي تسيطر عليكم لتعودوا خلف حدودكم، وتأكد بأن حالة الاستعراض التي وصفتم بها قمم الرياض ربما يكون بالفعل استعراضا، ولكن بأفعال حقيقية على أرض الواقع، والشيء المؤكد سيادة الرئيس أنه إن حدث وتحقق الاستعراض فسيكون عليكم هذه المرة بطعم العلقم.