يوسف القبلان

يتطلب تنظيم المؤتمرات والقمم مهما كان حجمها جهودا تنظيمية ومتطلبات مادية وبشرية، وأعمالا إدارية وتنسيقية وأمنية تفاصيلها لها بداية وليس لها نهاية.

وحين تكون القمة عبارة عن ثلاث قمم كما حصل في قمم الرياض التي تضمنت عقد القمة الإسلامية الأميركية وشارك فيها قادة من 56 دولة، إضافة إلى المرافقين، وحين يتم عقد هذه القمم خلال يومين، في هذه الحالة يكون حجم المناسبة كبير جدا ومتطلباته كذلك.

وقد نجحت المملكة بقدراتها البشرية وإمكاناتها وخبراتها في تنظيم هذه المناسبة الضخمة بكفاءة عالية.

قمم الرياض كانت تاريخية بحجمها وجدول أعمالها وجوانبها السياسية والثقافية والاقتصادية.

أما الجوانب التي أتطرق لها اليوم وربما يفوتنا الحديث عنها بحكم أهمية الجوانب الأخرى التي انعقدت من أجلها القمم، فهي الجوانب الإنسانية.

أتحدث هنا عن فريق التخطيط والتنظيم والتنفيذ، أتحدث عن العاملين في الميدان، عن رجال الأمن والمرور، عن المراسم الملكية، عن الإعلام ومتاعبه، عن مرافقي الضيوف، عن المتعاملين بشكل مباشر مع الاستقبال والعلاقات والإعلام، عمّن يقدم القهوة والمشروبات والطعام، عن الجنود المجهولين وراء الكواليس يقدمون الخدمات الفنية واللوجستية.

أتحدث عن العلاقات الإنسانية بين الضيوف والمستضيف، والعلاقات بين الضيوف أنفسهم.

جسور إنسانية بين أناس يعرفون بعضهم وأناس يتقابلون لأول مرة. حواجز بروتوكولية تخضع للمرونة بفعل المد الإنساني. وحواجز رسمية تستسلم لجو تنظيمي إنساني ينثر الابتسام وحسن الاستقبال والاحترام والتقدير. سيجد مواطن شاب من فريق العمل نفسه فجأة بجانب رئيس دولة، أو رئيس حكومة، أو وزير، فهل يتحدث معه، وماذا سيقول له؟ وإذا تلقى منه سؤالا هل يجيبه أم يحيل له إلى المسؤول المختص؟ وماذا عن الوزير المرافق وهو يرافق مسؤولا يقابله لأول مرة ولا يعرف شيئا عن شخصيته؟

الفعاليات والزيارات المصاحبة للقمم تتيح مساحة للتفاعل الإنساني والحوار الثقافي بين الزائرين وأبناء البلد وتقوم بدور إعلامي قوي لتعريف العالم ليس بالمملكة ولكن بما وصلت إليه في مجال التنمية وخاصة التنمية البشرية.

تفاصيل إنسانية يعرفها من يشارك في مثل هذه المناسبات. هذه المناسبات تتيح الفرصة لمشاركة الشباب لاكتساب الخبرة، هي بمثابة البرنامج التدريبي العملي لتنمية المهارات. من هنا يعتمد اختيار المشاركين في منظومة التنظيم على معايير من أهمها توفر مهارة الاتصال. التفاعل الإنساني مع وفود من دول مختلفة هو تجربة إنسانية وثقافية. الحفاوة بالضيوف هي جزء من ثقافة المجتمع. الصورة الإنسانية التي اتسم بها سلوك أبناء المملكة خلال قمم الرياض هي صورة حقيقية، وهي رسالة إنسانية قوية واضحة مباشرة إلى العالم بأن إنسان هذا البلد محب للتعايش والسلام رافض للتطرف والإرهاب. ولذلك فهو يترجم بصورة طبيعية أهداف القمم إلى سلوك.