«الاقتصادية» من الرياض

كان اللقاء الذي جمع المهندس أمين الناصر رئيس “أرامكو السعودية” وإيجور سيتشين رئيس روسنفت الروسية أبلغ ما يكون في التعبير عن العلاقة الجديدة بين القوتين العظميين في عالم الطاقة.
فقد كانت تلك أول مرة يلتقي فيها الاثنان وفي اجتماع رسمي بما يتجاوز المرات العديدة التي تصادف أن تقابلا فيها خلال المناسبات النفطية في أنحاء العالم المختلفة.
وبحسب "رويترز"، فقد أفادت مصادر اطلعت على ما دار في محادثات الاثنين في مدينة الظهران الأسبوع الماضي أن اللقاء فتح آفاقا جديدة وأن الاثنين ناقشا السبل الممكنة للتعاون في آسيا مثل إندونيسيا والهند وفي أسواق أخرى.
ولم تكشف المصادر تفاصيل أخرى غير أن أي تعاون في آسيا بين روسيا والسعودية أكبر بلدين مصدرين للنفط في العالم سيكون سابقة هي الأولى من نوعها.
وقادت السعودية أكبر أعضاء منظمة "أوبك" وروسيا غير العضو في المنظمة اتفاقا عالميا لتمديد العمل بتخفيضات في إنتاج النفط الخام لدعم أسعار النفط.
ويمثل الاجتماع، الذي قالت المصادر إن جولة تخللته في المقر الرئيس لشركة أرامكو رافق فيها الناصر سيتشين، دليلا على الشراكة الجديدة المتسارعة وغير المتوقعة بين البلدين، وهي شراكة تتابعها من كثب الدول الكبرى المستهلكة للنفط في العالم التي ظلت تعتمد لفترة طويلة على المنافسة بين البلدين للفوز بصفقات أفضل.
وفي علامة على التنافس الشديد في السوق الآسيوية اشترت روسنفت مصفاة إيسار الهندية العام الماضي وترفع نصيبها في أسرع أسواق الوقود نموا في العالم.
ولم تكد شهور تمضي حتى كانت موسكو والرياض تتوليان الدور الرئيس في اتفاق لخفض إنتاج النفط تم التوصل إليه في كانون الأول (ديسمبر) وتقرر تمديده في الأسبوع الماضي، بل إنهما تناقشان إمكانية التعاون في أسواقهما الرئيسة في آسيا، وقال مسؤول خليجي رفيع: "هذا محور جديد من الود".
ويوم الثلاثاء استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الكرملين وقالا إنهما سيعملان على تعميق التعاون في مجال النفط.
وأشار ولي ولي العهد إلى أن أهم شيء هو أن الجانبين يحرزان نجاحا في بناء أساس متين لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط وأسعار الطاقة، فيما ذكر بوتين أن البلدين سيعملان معا من أجل تسوية "وضع صعب".
وتعثر مصير المحاولة الأولى للتعاون بين البلدين إذ فشل الاتفاق على تدابير مشتركة في اجتماع لمنظمة أوبك في كانون الأول (ديسمبر) عام 2014 أي بعد ستة أشهر من بداية الانهيار في أسعار النفط بعد أن كان سعر البرميل يتجاوز 100 دولار.
وفي الأسبوع الماضي قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك في فيينا بعد اتفاق روسيا و"أوبك" على تمديد العمل بتخفيضات الإنتاج "إذا قال الوزير الفالح شيئا فأنا أعلم أنه سينفذ".
ويتطلع نوفالك لترتيب رحلة يزور فيها الفالح حقلا نفطيا روسيا في الدائرة القطبية الشمالية بعد أن زار منشآت لشركة أرامكو في صحراء الربع الخالي بنفسه في أكتوبر تشرين الأول الماضي.
وقال نوفاك مازحا الأسبوع الماضي "في العام الماضي أخذنا الوزير الفالح إلى الصحراء ونحن نريد أن نريه صحراء الثلج"، وذكر باركيندو أن السعودية وروسيا هما الأضواء الهادية لإعلان التعاون بين "أوبك" والدول غير الأعضاء في "أوبك" الذي فتح فصلا جديدا في تاريخ النفط.
وأكد نوفاك والفالح مجددا في موسكو أنهما سيبذلان "كل ما هو ضروري" لتحقيق استقرار أسعار النفط مستعيرين عبارة شهيرة استخدمها ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي قبل خمس سنوات في الدفاع عن اليورو.
وبحث الاثنان توقعات إنتاج النفط من خارج منظمة "أوبك" بما في ذلك النفط الصخري الأمريكي الذي عاود النمو من جديد خلال العام الأخير إذ عمل منتجو النفط الأمريكيون في القطاع الخاص على خفض التكاليف والتكيف مع أسعار النفط المنخفضة.
ويصدر الخام الأمريكي الآن إلى جميع أنحاء العالم كما أن احتمالات موافقة المنتجين في القطاع الخاص على التعاون مع "أوبك" شبه منعدمة بسبب تشدد تشريعات مكافحة الاحتكار الأمريكية.
وقال بول سايمونز الدبلوماسي الأمريكي السابق الذي يعمل الآن نائبا للمدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: "روسيا ودول الخليج مهتمة بشكل من أشكال استقرار أسعار النفط وتأملان أن تتمكنا من تحقيق ذلك دون الالتزام بالتخفيضات الضخمة التي اضطرا إليها في الثمانينات". وتقول السعودية وروسيا إنهما ستحافظان على شراكتهما بعد انتهاء أجل الاتفاق الحالي لتخفيض الإنتاج، وأوضح نوفاك أنه من الضروري وضع مباديء إطارية جديدة للتعاون المستمر بين أ"وبك" والمنتجين من خارجها حتى بعد انتهاء أجل اتفاقات فيينا"، أما الفالح فقد أنهى كلمته بتوجيه الشكر إلى نوفاك باللغة الروسية قائلا "سباسيبا" أي شكرا.

إنشرها