مصطفى الصراف

إن مجلس التعاون الخليجي ليس مؤسسة على مستوى دولة مكونة من عدة أقاليم متحدة كبريطانيا مثلا، وليس دولة اتحاد فدرالي مثل الولايات المتحدة الأميركية، وفي الحالتين، كل من هذين النظامين يكون لهما رئيس واحد وعلم واحد ووزير خارجية واحد. كما أن مجلس التعاون الخليجي لم يرق حتى ليكون اتحادا كونفدراليا مثل الاتحاد الأوروبي، فهو، ربما تجاوزا، يمكن وصفه بأنه شبه اتحاد كونفدرالي. وذلك لأن مجلس التعاون الخليجي تكون كمؤسسة للتنسيق بين دوله، كما جاء في نظامه الأساسي، ولو فرض أنه اتحاد كونفدرالي، فإن كل دولة فيه تحتفظ لنفسها باستقلاليتها، ولكل منها علمها ونظامها السياسي واستقلال سياستها الخارجية والداخلية، كما أن المجلس الأعلى فيه المكون من رؤساء الدول الست يجب أن يأخذ قراراته بالإجماع، في الأمور الموضوعية يعني إذا اعترضت أي دولة فلا يتخذ أي قرار يلزمها ونفس الوضع بالنسبة للمجلس الوزاري المكون من وزراء خارجية دول مجلس التعاون. ما عدا القرارات الإجرائية الجزئية.
ولذلك، فإن المجلس لم يتمكن من اتخاذ قرار حتى بالنسبة لتوحيد العملة بين دوله. وهنا يصح القول إن السياسة الخارجية لكل دولة فيه أمر خاص بها تمليها عليها أوضاعها الداخلية وعلاقاتها ومصالحها الخاصة بدول العالم. ولكل منها استقلالها وعلمها وتمثيلها الدبلوماسي. فلا يمكن فرض سياسة خارجية موحدة على جميع دول مجلس التعاون، وكذلك الاتحاد الأوربي رغم أن لديه برلمانا ولديه عملة موحدة، ولكن سياسته الخارجية غير موحدة ولكل دولة نظامها الخاص وعلمها وسياستها الخارجية الخاصة بها.
وعودا إلى مجلس التعاون الخليجي، نراه في الآونة الأخيرة يحاول توحيد سياسته الخارجية والداخلية، ولكن وبكل أسف فإن سياسته الخارجية الأخيرة لا تنسجم وطبيعة دوله، فأعضاؤه جميعا دول صغيرة حتى مع اجتماعها، وفي هذه الحالة الأنسب له أن تكون سياسته الخارجية سياسة تتسم بصفة الحياد والدفاع وليس بصفة الهجوم والحرب، لا سيما أن دوله رأسمالية غنية هي بحاجة إلى الاستقرار وعلاقات حسن الجوار وإقامة أفضل العلاقات مع دول العالم والدول العربية بصورة خاصة لتكون قادرة على تنفيذ سياسة اقتصادية تنموية. وكان طبيعيا أن تختلف السياسة الخارجية لكل من قطر من ناحية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جهة أخرى، وهذا لا يعني أن سياسة طرف أفضل من سياسة الطرف الآخر، لأن كل طرف اتخذ موقفا وفق ما تمليه عليه مصالحه السياسية، ولكن كان واجبا ألا يصل هذا الاختلاف السياسي إلى درجة تؤدي إلى القطيعة كما حصل، فاي إجراء لا بد أن يأخذ بنظر الاعتبار أهداف ميثاق مجلس التعاون والإجراءات التي نص عليها عند نشوء أي خلاف بين أعضائه مرورا بهيئة تسوية المنازعات، وهذه الإجراءات الأخيرة ستكون سببا لانهيار مجلس التعاون وانفراط حبات العقد الذي تم نضده في عشرات السنين. وستتسبب بأضرار كبيرة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشعوب كل دول مجلس التعاون ما لم تتم مراجعة الأمر بتأن.