سلكت «أعجوبة» قانون الانتخاب الجديد في لبنان طريقها نحو الإقرار الدستوري في مجلس النواب غداً، بعد أن أقره مجلس الوزراء أمس، على قاعدة أنه الحد الأدنى الممكن، والصيغة التي لا بد منها للخروج من مأزق الفراغ النيابي أو العودة إلى القانون القديم، على أن يخضع المشهد السياسي في أيار (مايو) 2018 لاختبار إجراء الانتخابات النيابية على أساس النسبية الكاملة للمرة الأولى في التاريخ السياسي اللبناني، بعدما تحكم النظام الأكثري بتركيبة البرلمان، منذ ما قبل الاستقلال عام 1943.

وفيما ينتظر تطبيق هذا القانون خطوات «تجريبية» وتحضيرات كثيرة لتأهيل الإدارة الانتخابية، والأحزاب والناخبين للتأقلم معه، فإن التسوية التي أخرجته تحت ضغط عامل الوقت، لأن ولاية البرلمان الحالي تنتهي في 20 الجاري، فرضت على أقطابها، لا سيما رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري، الإقرار كل على طريقته، بأنه لم يكن في الإمكان أفضل مما كان، نظراً إلى أن كلاً منهم اضطر لأن يتنازل عن مطالب أو اقتراحات لإنجاح التسوية التي أتاحت للبعض أن يقول إنها أنتجت «مولوداً هجيناً» (للمزيد).

وفيما يتندر عدد من الأوساط بالأسئلة الكثيرة حول سبل تطبيق مشروع القانون الجديد وفهمه من السياسيين والعامة، فإن أهم ما كرسته جلسة مجلس الوزراء أمس، هو التمديد للبرلمان الحالي 11 شهراً، إذ يصبح عمر المجلس الحالي زهاء 9 سنوات، لأن تأمين مستلزمات تطبيق القانون تحتاج هذا الوقت، فاعتماد الصوت التفضيلي في القضاء بدلاً من الدائرة، لمرشح واحد في كل من اللوائح المتنافسة في 15 دائرة، زاد من تعقيدات عملية احتساب الأصوات للمرشحين المتنافسين. وانتهت لجان صوغ النصوص التي استمرت حتى ساعة متأخرة ليل أول من أمس ثم أمس أثناء اجتماع مجلس الوزراء، إلى الاتفاق على أن يتم احتساب عدد الأصوات التي تمكنت كل لائحة من جمعها، ثم دمج أسماء المرشحين جميعاً، على أساس نسبة ما حصل عليه كل منهم، لتتم بعدها إضافة نسبة الأصوات التفضيلية التي تميز بها كل واحد، إلى نسبة الأصوات في الدائرة. ويزداد تعقيد احتساب النتائج في ظل التمثيل الطائفي للمقاعد التي يتنافس المرشحون عليها، عند حصول تفاوت بين أصوات الدائرة والأصوات التفضيلية، ما قد يفرض أحياناً فوز مرشح حاز أصواتاً أقل لأن النظام يفرض ملء المقعد المخصص لطائفته... أو فوز مرشح حاز أصواتاً تفضيلية (طائفية) أكثر من منافسه من الطائفة ذاتها، الذي كان حصل على أصوات أكثر منه، في الدائرة الأوسع.

ولم يحل اعتراض عدد من القوى السياسية على حصر الصوت التفضيلي في القضاء (حزب الله، أمل، القوات اللبنانية، المردة، الحزب القومي، الوزير طلال أرسلان واللقاء الديموقراطي...)، خلافاً لتأييدهم أن يكون في الدائرة الأوسع، من دون إقرار القانون، صوناً للتسوية السياسية التي حصلت. واكتفى وزير الحزب القومي علي قانصو بتسجيل تحفظه في محضر الجلسة.

واعتبر عون إقرار القانون «إنجازاً كبيراً وولادة حياة سياسية جديدة للبنان وهو لكل من همشتهم القوانين السابقة»، ورأى الحريري أنه «تاريخي»، فيما وجد بري أنه «أفضل المستطاع». لكن انتقادات عدة صدرت حتى من قوى اختارت تمرير التسوية التي استولدته، منها لرئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي رأى فيه «أمراً واقعاً وآية في الغموض». وصدرت بيانات من منظمات نسائية انتقدته لغياب الكوتا النسائية عنه، خلافاً لوعد بري والحريري بها، وأخرى شبابية لعدم تضمينه خفض سن الاقتراع من 21 إلى 18 سنة.

وتضمن المشروع إصلاحات، منها اعتماد البطاقة الممغنطة للاقتراع التي تحول دون التزوير، واللوائح المقفلة المعدة مسبقاً. وأعرب وزير الخارجية جبران باسيل عن فخره بتخصيص ستة مقاعد للمغتربين بدءاً من عام 2022.