عبدالله العوضي


كل مطالب الدول التي قاطعت قطر تصب في خانة ترهيب الإرهاب وعدم الترحيب به، دعماً وتمويلاً وفكراً وعطفاً على فعالهم المشينة. وعلى نظام قطر إدراك حقيقة أن هذه المطالب لم تعد خليجية كما هو الظاهر بل العالم كله مجمع على محاربة الإرهاب ومكافحته والبحث الدؤوب في سبل الوقاية منه والفرار منه فرار السليم من المجذوم.

هذا هو الشرط الذي يجمع كل المطالب في بوتقة واحدة، الهدف منها عدم جر المنطقة إلى مزيد من اللاأمن واللااستقرار واللاأمانة فتجربة السنوات الست الماضية يجب أن تكون شاهدة أمام المتمسكين بتلابيب الإرهاب في قطر، بأن أوضاع المنطقة لم تعد تحمل المزيد من التدهور، وعلى قطر المساهمة في وقف هذا الانحدار الحاد في نبذها لكل مشروع فكري فيه رائحة للإرهاب والتطرف والعنف اللامبرر.

فالعوالم الثلاثة الغربي والعربي والإسلامي، بكل اتجاهاتها الجغرافية والجيوسياسية، اتفقت على هذه الحملة التي تريد من خلالها استئصال سرطان الإرهاب من جسد العالم حفاظاً على مكتسباتها في السلم العالمي الذي لم يعد رفاهية، بل صار ضرورة ملحة تحافظ من خلالها على مشاريع التنمية المستدامة ورقي الدول مع الإنسانية التي تقف على طول ضد الإرهاب من أي نوع أو مع أي مكان تطْرف فيه عين إنسان يريد فقط توفير حياة كريمة آمنة دون أن يتعرض بلا سبب للقتل أو السحل أو الانفجار. إن أي ضرر آخر لا مبرر له لدى مروجي خط الإرهاب إلا العدمية والظلامية واللاانتمائية من أجل ضياع هوية الإنسان الأزلية التي منحها الخالق له منذ الأزل، وهو التكريم المطلق في قوله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم..» هذا هو العنوان الرئيسي ولا حاجة إلا لعناوين فرعية مفرقة.
الطلب الأوحد اليوم من قطر هو القيام بطرد الإرهاب من أراضيها لتحافظ على كيانها أولاً قبل كل شيء، ومن ثم الحفاظ على استدامة الأمن والأمان والاستقرار في بقية دول الخليج، وهكذا إلى بقية العالم من حولنا.

كما أن عطسة الاقتصاد في واشنطن تجد لها صدى في بكين، فإن رصاصة الإرهاب الطائشة من قطر إن لم تصب أحداً، فإنها «تدوش» العالم أجمع، ويتعامل معها كأنها أصابت من باب الحيطة الأمنية لاتقاء شر القادم من وراء هذا الإرهاب الطائش.

منذ انتحرت «القاعدة» وأدمت نفسها من أعلى برج في أميركا، تغيرت صورة العالم 180 درجة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، ولم تبنِ «القاعدة»، خلافة راشدة، ولا عدالة سائدة ولا حكمت أفغانستان كما كانت تمني نفسها طوال أكثر من أربعة عقود من ارتكابها للفقاعات في كل شبر وضعت قدمها المرعبة.

ما هدف قطر النهائي من مد يد العون المادي والفكري لمثل هذه الحركات والتنظيمات والأحزاب والجماعات التي تتفق على تدمير المعمَّر وبقاء المدمَّر على حاله في قائمة الانتظار.

نقول لقطر: لا نريد أن تؤتى منطقة الخليج من قِبَلِكْ، فهي المنطقة الوحيدة في العالم العربي الممزق، التي تتمتع دولها بنسب أمان عالية بشهادة مراصد الأمن العالمية، فلِمَ هذا السعي الدؤوب لإطفاء نقطة الضوء الآمنة التي تعد الأساس الذي يمد يد العون لبقية الدول العربية المتعثرة في نموها، لأسباب لا نريد الخوض فيها هنا، وإن كان المذنب الأكبر فيها «الربيع العربي» الذي حوّل كل حُلوٍ علقماً.

في الخليج مشاريع تنموية راقية، وهي مفخرة لكل الشعوب العربية، فهي في قمة الاستدامة العالمية التي تشهد مراكز الأبحاث الاستراتيجية على أدائها المميز في الإدارة والاقتصاد وبقية فروع الحياة الإنسانية المتطورة.

أيعقل لقطر أن تضع هذا النماء وهذه الاستدامة البشرية في كف عفريت مارد يسمى الإرهاب من أجل الحصول على نفوذ ما أثبتت الأحداث والأيام أنه في غير محله ولا زمانه لأنه لم يجنِ عليها سوى ما جنت براقش ممن لا يرعون فينا عهداً ولا ذمة، وإن ادعوا الإسلام ديناً. ولا نريد لقطر أن تعاملنا برفع مصحف على رأس سيف لا يفرق بين صديق وعدو، فخير لقطر أن تقول للإرهاب لا أهلاً ولا مرحباً بك.