كتب:عمار عوض

تناغمت آراء الصحافة العالمية مع مبايعة الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد في السعودية، واعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الهدف الأول للتغييرات في السعودية هو نقل البلاد إلى العصر الحديث، مؤكدة أنه سيكون لهذا الأمر انعكاسات عميقة على المستقبل السياسي والاقتصادي للمملكة، وأسواق النفط العالمية، وحلفائها في الشرق الأوسط، وخارجه. 

بينما رأت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن التغيرات ينظر لها في الداخل السعودي بمزيد من الإعجاب لدى العديد من السعوديين الأصغر سناً الذين يعتبرون صعود الأمير محمد بن سلمان دليلاً على أن جيلهم يأخذ مكاناً مركزياً في إدارة البلاد، وهو القول نفسه الذي سارت عليه صحيفة «واشنطن بوست»، مشيرة إلى أن صعود محمد بن سلمان هو «التغيير الضروري والحيوي الذي تحتاجه السعودية»، مشيرة في تقريرها إلى التغيير السلمي والسلس الذي ظهر في تقبيل محمد بن سلمان ليد ابن عمه محمد بن نايف الذي أعلن البيعة وسط إشادة كبيرة من السعوديين، قبل أن يتلقى ولي العهد الجديد البيعة من العائلة وأفراد الجمهور في مكة المكرمة، ليلة الأربعاء.

وقال ستيفن هرتسوغ، البروفيسور في كلية الاقتصاد في لندن الذي يتابع سياسة السعودية: «لم يكن ثمة لاعب أساسي بهذه القوة منذ الملك عبدالعزيز». ورأى تقرير «واشنطن بوست» أن ترامب كان مشجعاً للسعودية منذ دخوله منصبه، وهو أمر مرحب به في الرياض بعد السنوات الأخيرة من إدارة أوباما التي وصلت فيها العلاقات إلى أدنى مستوى لها، في الوقت الذي اتبعت فيه واشنطن الدبلوماسية مع إيران.

وقال سيمون هندرسون من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للصحيفة «إن تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد يجب أن يؤكد تحسن علاقة العمل مع واشنطن بعد الضغوط التي تعرضت لها إدارة أوباما، وعلى رأسها إيران والاتفاق النووي». لكنه حذر من أن «العلاقات المستقبلية لن تكون بالضرورة متناغمة».

وتواجه السعودية تهديدات متزايدة في الشرق الأوسط، وأبرزها صعود إيران بعد إنهاء العقوبات الغربية المرتبطة ببرنامجها النووي. ويقود الأمير محمد بن سلمان بلاده مع التحالف العربي في الحرب على الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. 

كما يتزعم جهوداً لمقاطعة قطر على خلفية الصلات المتزايدة للإمارة الصغيرة مع طهران. وأحد المؤيدين الرئيسيين للجهود السعودية والإماراتية التي تقود لعزل قطر. وينقل تقرير «وول ستريت جورنال» عن شخص مقرب من العائلة المالكة قوله، إن توقيت الخطوة فرضتها الحاجة إلى توحيد قادة المملكة خلف التغييرات الاقتصادية، والإجراءات المتعلقة بالسياسة الخارجية. وقال: «إنها خطوة محسوبة بدقة لتأكيد استقرار المملكة بأكبر قدر ممكن.. ثمة حاجة إلى هذا الوضوح عندما يكون هناك مشروع إصلاحي كبير يجب تنفيذه»، ومع أن التغييرات كانت متوقعة، تقول الصحيفة الأمريكية إن قضية قطر سرعت القرار.

وفي واشنطن، أفاد مسؤول كبير في الإدارة، بأن البيت الأبيض كان على علم بأن هذا التغيير سيحصل، ولكنه لم يكن يعلم بأنه سيحصل الأربعاء. ويقول تشاس فريمان الذي عمل سفيراً أمريكياً في الرياض في عهد الرئيس جورج بوش الأب إن «ترقية أمير مع خط أكثر التزاماً في السياسات الخارجية تشكل تغييراً في السعودية».

وفي الداخل، يتمتع محمد بن سلمان بدعم لافت من السعوديين الشباب الذين يتعلمون في الخارج والذين يريدون فرصاً اقتصادية أكبر. وسبق للأمير محمد بن سلمان أن قال إنه يريد زيادة عدد النساء في قطاع الأعمال. وفي بلاد حيث 45 في المئة من السكان البالغ عددهم 32 مليوناً، هم دون الخامسة والعشرين، فإن خطوة كهذه ستكون محركاً للنمو الاقتصادي.

وفي مقابلة مع (ديفيد اغناطيوس) من صحيفة «واشنطن بوست» قال محمد بن سلمان هذا العام «أنا شاب، لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا في السنوات الثلاثين الماضية». وأضاف «نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن. نحن نريد، مثل الشعب السعودي، أن نستمتع بالأيام القادمة، وأن نركز على تنمية مجتمعنا، ونطور أنفسنا كأفراد وعائلات، مع الإبقاء على ديننا وعاداتنا».
ويقول المستشار في قطاع الأعمال محمد الإبراهيم (40 سنة) إن «محمد بن سلمان يريد من الشباب أن يساعدوه على النجاح، والشباب يحتاجون إليه.. إنه طموح، وعنده رؤية».

وقبل أن يتسلم الملك سلمان العرش في يناير/‏كانون الثاني 2015، كان محمد بن سلمان بعيداً عن الأضواء، وأمضى سنوات في ظل والده الذي تولى سلسلة من المناصب الحكومية.

ومنذ صعوده إلى الساحة السياسية، وجه العاملين معه بحزم. ويقول أحد المسؤولين رفيعي المستوى: «بالنسبة إليه، إنه دائماً الوقت المناسب» عندما يضغط من أجل عمل ما. وهو طلب بدء الاكتتاب العام في «أرامكو» سريعاً، وبحسب بعض المسؤولين، ضغط لتطبيق إصلاحات اقتصادية عاجلة.

وقال دبلوماسي غربي لصحيفة «ديلي ميل» إنه «من الواضح انه مشرق جداً وذكي جداً جداً». ونقل تقرير الصحيفة أن الأمير يعمل 16 ساعة في اليوم، ويستمد الإلهام من كتابات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل «فن الحرب»، في إشارة إلى التصميم على العمل، وتحدي الصعاب.

وقال بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، «إنه يتمتع بسمعة طيبة وطموحة».