حجاج سلامة 

أرجع الأثريون عادة كعك العيد (مخبوزات تصنع خصيصاً في عيد الفطر) إلى العصور المصرية القديمة، حين صنعه قدماء المصريين في أعيادهم المتعددة لاصطحابه معهم إلى المقابر عند زيارة موتاهم. وعلى رغم تمسك المصريين بالعادات نفسها، طرأت عليها تغيرات كثيرة، فغابت عن غالبية البيوت المصرية خصوصاً في صعيد مصر، طقوس متوارثة وتقاليد صارمة من الحرص على خَبز تلك الحلوى منزلياً، لمصلحة شرائه من متاجر الحلوى الشهيرة، أو استئجار خبازين لصناعته بدلاً من ربات المنازل.

قديماً، النساء صنعن الكعك بنقوش متباينة داخل أفران منزلية مصنوعة من الطين وتُوقد بالحطب والقش، للتصدق به وتوزيعه على الفتية الذين يمتهنون ترتيل القرآن فوق مقابر الموتى صبيحة يوم العيد، إضافة إلى تبادله مع الجيران في أجواء احتفالية. لكن أخيراً وعلى رغم توافر الأفران الحديثة التي تعمل بالكهرباء أو الغاز، بدأت عادة خبز كعك العيد في المنازل في قرى الأقصر وقنا وسوهاج وغيرها من محافظات صعيد مصر تندثر، وباتت النساء يستعنّ بالخبازين في مخابز الحلوى لإعداد كعك العيد، وذلك عقب انتشار تلك المخابز في القرى، إضافة إلى الاستعانة بأدوات بلاستيك لنقل مخبوزات العيد من الأفران إلى المنازل وتخزينها. ولكن بعض الفئات ترفض تغيبر عاداتها وما زالت تحافظ على طقس صناعة الكعك بالطريقة المنزلية المتوارثة.

يشار إلى أن تلك الطقوس المتوارثة منذ العصور المصرية القديمة لم تعمل فقط على نشر الإلفة وأجواء العيد داخل المنازل، بل وطدت النسيج الوطني، فكانت النساء مسلمات ومسيحيات يجتمعن في منزل إحداهن لإعداد كعك العيد معاً.

ويقول عالم المصريات الدكتور محمد يحيى عويضة لـ «الحياة»: «كعك العيد عادة عرفها الفراعنة الذين قدموه في الأعياد عند زيارة مقابر الموتى، وكان يخبز باستخدام العسل والفاكهة على شكل الزهور والحيوانات والطيور المعروفة، لأنهم لم يعرفوا السكر الذي نعرفه الآن». ويضيف: «كذلك عرف الفراعنة صناعة مخبوزات العيد التي تُحشى بالمربى والفاكهة قبل آلاف السنين، وكان يعرض في المنازل بأشكال هرمية مدهشة ويقدّم على أطباق خشب تحملها الفتيات، ويقدم الكعك محاطاً بعقود من الفل والياسمين».

ويلفت إلى ارتباط تناول ذلك الكعك عند الفراعنة بالأعياد ذات الصبغة الكرنفالية التي تقام في الشوارع والطرق، سبيلاً لإدخال البهجة والسرور إلى قلوب الكبار والصغار.

وتكثر نقوش لمشاهد لصناعة كعك العيد وتقديمه في الأعياد والمناسبات على مقابر نبلاء الفراعنة في غرب مدينة الأقصر.