محمد الحمادي 

يفترض أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اليوم في واشنطن، بوزيري خارجية الكويت وقطر ضمن مساعي الولايات المتحدة لحل الأزمة مع قطر، وبلا شك أنها خطوة جيدة، ولكن من المهم أن يكون أساسها صحيحاً، وليس من منطلق تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض منذ أيام شون سبايسر، عندما قال «نعتقد أن هذه قضية عائلية، وعلى الدول المعنية حل الأزمة بينها.. إذا أرادوا منا تسهيل المحادثات بينهم سنفعل، وإلا فإنهم سيحلون الأزمة وحدهم».

بلا شك أن الدور الأميركي مهم، فهي الصديق والشريك الاستراتيجي لدول المنطقة، وهي الدولة العظمى التي لها كلمتها، ولكن الأهم أن يكون الدور الأميركي قائماً على أساس صحيح، والأساس الصحيح هو أن مقاطعة ثلاث دول خليجية ومصر وبعض الدول العربية والإسلامية لقطر والتي تدخل أسبوعها الرابع ليست «قضية عائلية»، فالخلاف الحالي ليس على الحدود ولا على الثروات، ولا هو خلاف على مصالح أو امتيازات، إنه خلاف أكبر من ذلك بكثير، فهو خلاف وجودي وأخلاقي.

وتكمن أهمية تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض في استقراء نظرة وموقف الغرب من قضايا المنطقة، فما ذهبت إليه واشنطن، من اعتبار المشكلة وكأنها خلافات بين أفراد العائلة، لا يمكن تفسيره إلا بطريقتين، فإما أنه قراءة سطحية ومتسرعة للواقع، وهذا غريب بطبيعة الحال! أو أنه محاولة للتهرب من مسؤولياتها الدولية والتزاماتها الأخلاقية في محاربة الإرهاب، فلب المشكلة مع قطر هو «الإرهاب» ودعم الإرهابيين وتمويلهم، وبالتالي فإن المشكلة في هذه الحالة لا تبدو «عائلية» - وإن كانت فعلياً هي بين أفراد العائلة الخليجية والعربية الواحدة- المشكلة عالمية دولية، فتمويل الإرهاب وجماعات التطرّف والقتل والموت ليس مشكلة خليجية أو عربية -وإن كنّا أكثر من يعانيها- إنها مشكلة كل دولة في العالم بل كل فرد على الكرة الأرضية، وقد وصلت تأثيراتها إلى أميركا غرباً وتايلاند وأستراليا شرقاً؛ لذا فإن المسؤولية الأخلاقية تحتم على الغرب توضيح موقفه من مسألة محاربة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، وبالتالي إعلان موقفه من تحركات قطر السياسية والمالية الداعمة للإرهاب، فالأموال القطرية تتطاير في كل مكان، ولا أعتقد أن الغرب غافل عن ذلك.

ربما يتذكر تيلرسون، وهو يعقد اجتماعاته، أن قطر رفضت وترفض فرض قوانين الخزانة الأميركية ضد تمويل الجماعات الإرهابية، كما أن من المهم أن لا ينسى أن شخصيات مدرجة دولياً كممولين للإرهاب يعملون بشكل علني في قطر، وكذلك شخصيات مختصة بجمع الأموال لجبهة فتح الشام في سوريا «النصرة»، يتمتعون بحصانة قانونية في الدوحة.. وليحاول فريق المسؤول الأميركي البحث وإيجاد أي دليل يفيد أن قطر لاحقت أو سجنت أو حتى اتهمت ممولاً للإرهاب مدرجاً على قوائم دولية، فسيكتشفون أنهم كمن يبحث عن المستحيل، حينها ليخبرونا إن كانوا من «العائلة» أم لا؟.