سمير عطا الله

خلال حملة دونالد ترمب، كنت أعتقد، مثل كثيرين، أنه رجل فج. لكن ترمب هزم جميع منافسيه الجمهوريين، ثم هزم، وهو الذي لم يعرف عملاً سياسيًا أو إداريًا، مرشحة الحزب الديمقراطي، وهي وزيرة سابقة للخارجية، وعضو في مجلس الشيوخ، ورفيقة بيل كلينتون في حياته السياسية اللامعة.

إنه مسار انتخابي طويل ذلك الذي أوصل دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ولم يعد مرشحًا، بل أصبح رئيسًا. وهذا لا يعني أنني معجب بخيار الناخب الأميركي، لكن ليس لي، أو لأحد سواي، أن يطعن في هذا القرار. لكن الحملة الشعواء على ترمب لم تتوقف يومًا واحدًا في البلد الديمقراطي الذي انتخبه.

الرئاسة لا تعني وقف المعارضة، ولا وقف الحياة الحزبية. لكن نوعية المعارضة لا سابق لها. وعجبت من الطريقة التي يعارض بها كبار المثقفين الرجل الذي لا علاقة له بالثقافات. إنها حملة، لا معارضة. وهي تؤثر على عمل أميركا وصورتها. ولن تغير اليوم في أسلوب وشخصية رجل عمره سبعون عامًا، لكنها تشل سياسة أميركا الخارجية وتسربلها، وتسربل حلفاءها، كما أعلن إيمانويل ماكرون.

لقد أثبت انتخاب ماكرون، وقبله ترمب، أن الحياة الحزبية في الغرب تحتاج إلى نفض. لقد شاخت علاقتها بالناس. والحرب القائمة بين الحزبين في الولايات المتحدة، يصفها توماس فريدمان، بأنها في «عمق النزاع بين السنة والشيعة».

يتعرف الصحافيون الأجانب إلى «نبض» الشارع من التحدث إلى الحلاقين وسائقي التاكسي. والحلاق الذي أذهب إليه في نيويورك، ثرثار ثلاثة أضعاف: لبناني الأب، إيطالي الأم، وحلاّق. وكلما شك المقص بالمشط، تأفف مترحمًا على الديمقراطية في أميركا: ما هذا الحقد الأعمى على الرجل؟

حفظ روبيرتو بزعون (اسم قريته) عن والده جملة واحدة: «فهمت عليي كيف». وكلما استشاط غضبًا من الطريقة التي يعامل بها الرئيس» توقف ونظر إلى وجهي في المرآة، وخاطبني كأنني شريك في ضرب الديمقراطية الأميركية، متسائلاً: فهمت عليي كيف؟ كررت له أنني من رأيه تمامًا، ليس بسبب المشط والمقص في يده، ولكن لأنني لا أرى كيف يمكن أن يتحمل الأميركي كل هذا اللغو اليومي، والصحافة والتلفزيون والإنترنت، والكونغرس وقاعات المحاضرات، حول موضوع واحد ورجل واحد صدف أنه أيضًا رئيس الدولة.

دل إلغاء ماكرون للأحزاب يمينًا ويسارًا، وبهوت الحياة الحزبية في بريطانيا، والفشل الحزبي في أميركا، على أن الوقت قد حان للبحث عن صيغة أصابها الاهتراء.