عوض العمري

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي معشوقة لمئات الملايين من المستخدمين عالميا بنسبة نمو كبيرة، بين عامي 2012 - 2015، وتشير الأرقام العالمية إلى تصدر «يوتيوب» و«فيسبوك» لوسائل التواصل الاجتماعي، بأرقام تتجاوز المليار والمليار ونصف لكل منهما على التوالي. 

شرق أوسطيا يُعد سكان المملكة العربية السعودية من أنشط المستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي، باختلاف أنواعها، إذ تضاعفت أعداد المستخدمين في السنوات الأخيرة إلى أن تجاوز 18.3 مليون مستخدم، أي ما يعادل 60% من سكان السعودية، ويتصدر برنامج «واتساب» وسائل التواصل الاجتماعي محليا بوجود 13 مليون مستخدم، ويليه «فيسبوك» بـ11 مليونا، ثم تويتر بـ9 ملايين مستخدم، ثم «يوتيوب» بحوالي 7 ملايين مشاهد، وتُعد الهواتف الذكية هي المصدر الرئيسي للولوج إلى مواقع التواصل الاجتماعي بمعدل 260 دقيقة يوميا، ويحتل سكان المملكة المركز الأول عربيا، والثاني عالميا في استخدام البرنامج الشهير «سناب شات»، وأيضا يستحوذ السعوديون على 40% من حسابات «تويتر» في الشرق الأوسط، وبمشاركة فعالة تصل إلى معدل 5 تغريدات يوميا، ويصل معدل الحسابات إلى 7 حسابات لكل مستخدم سعودي على مواقع التواصل الاجتماعي. 

طبّيا، للوصول إلى أي تشخيص صحيح، يحتاج الطبيب إلى ركائز مهمة، أولها وأهمها ما يسمى التاريخ المرضي، وهو ببساطة عبارة عن أخذ معلومات وافرة عن أعراض المريض بشكل تفصيلي، وبأسئلة مباشرة، وثانيها بالأهمية هو الفحص الإكلينيكي الذي ربما يكون مفتاح الحل لكثير من المشكلات الطبية، ولا ننسى أيضا الدور المهم للإشعاعات والتحاليل المخبرية التي تكون خارطة طريقٍ لتشخيص كثير من الأمراض. 

في الطب التويتري، أو طب وسائل التواصل الاجتماعي عموما، نرى اهتزازا واضحا في ركائز التشخيص السليم، فالمعلومة مقتضبة، وقد تكون عبارة عن سطر واحد، ودون تاريخ مرضي وفحص إكلينيكي ونتائج مخبرية.

ومن الظواهر السلبية أيضا للطب التويتري، هو تجول بعض الإخوة بين حسابات الأطباء وتكرار الأسئلة بين المختصين في المجال نفسه دون فائدة تذكر، سوى زيادة الارتياب والهلع عند السائل من جهة، وفقدان الثقة في الأطباء بسبب تضارب إجاباتهم، والتي تكون بسبب الشح الشديد في المعلومات المصاحبة للاستفسارات الطبية، ولا ننسى أن وسائل التواصل الاجتماعي انتشر فيها الغث والسمين من نصائح طبية خاطئة من كثير من مرتادي الشهرة وغير المتخصصين.

شخصيا، توقفت عن الردود عن الأسئلة التويترية بعدما اكتشفت حجم المشكلة، وأنني أصبحت «محطة» للأسئلة التجريبية، بل تحول الأمر إلى هجوم شخصي ضد بعض الزملاء الأفاضل، لأن ردودهم لا تتناسب مع فئة ما يطلبه «المستمعون». 

وأيضا رأيت كثيرا من حالات الهلع والفزع، خصوصا في تشخيص الأمراض الجنسية، بسبب ردود مسطحة وعامة يقوم بها بعض المختصين، ردا على سيل الأسئلة عبر برامج التواصل الاجتماعي، ولا يجب أن نخلط بين مضار التشخيص والعلاج عن طريق السوشيال ميديا، وبين الدور الرائد والمهم للتثقيف الصحي. فالتثقيف الصحي عبر برامج التواصل الاجتماعي مثل تسجيل حلقات للتعريف عن الأمراض وأسبابها والوقاية منها، والذي يقوم به كثير من الأساتذة والزملاء الأفاضل، هو بلا شك الأمثل والأفضل لتقديم خدمة لمجتمعنا العزيز، دون الإضرار فيه بشكل غير مباشر.

ختاما، عزيزي الطبيب، كن حريصا في ردودك، كي لا تتسبب في ضرر مريض، فتتحول من ملاك رحيم إلى شيطان رجيم.