إبراهيم العوضي

التربية والتعليم أساس نهضة وتطور وتقدم المجتمعات، كيف لا وأول كلماته سبحانه وتعالى لنبيه الكريم «اقرأ».

يقول رئيس سنغافورة السابق لي كوان «الدول تبدأ بالتعليم، وهذا ما بدأت فيه عندما استلمت الحكم فـي دولة فقيرة جداً، اهتممت بالاقتصاد أكثر من السياسة، وبالتعليم أكثر من نظام الحكم، فبنيت المدارس والجامعات، وأرسلت الشباب إلى الخارج للتعلم، ومن ثم الاستفادة من دراساتهم لتطوير الداخل السنغافوري».

أضحت سنغافورة من أكثر الدول تقدماً اقتصادياً وصناعياً وسياحياً ومعيشياً بسبب السياسة التي انتهجتها، وبلغ فيها معدل الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 60 ألف دولار، وهي التي كانت قبل أكثر من خمسين عاماً من أكثر الدول فقراً وتخلفاً، حيث كان أكثر من ثلث الشعب يفترش الأرض ويعيش في أحياء فقيرة، وبلغت فيها معدلات البطالة أكثر من 14 في المئة. كل هذا وذاك بسبب اهتمامها بالتعليم فقط لا غير!

ولنأت للتعليم في الكويت وبالإرقام...

تبلغ ميزانية وزارة التربية والتعليم العالي في الكويت للسنة المالية 2016 - 2017 نحو مليار و726 مليون دينار، مع العلم بأن هذه الميزانية أقل من أن تغطي الرواتب وفقاً لتقدير وكيل الوزارة المساعد للشؤون المالية، بينما يبلغ عدد الطلبة في المدارس الحكومية نحو 363 ألف طالب، وبحسبة بسيطة فإن تكلفة الطالب سنوياً وفقا للميزانية يبلغ نحو 4700 د. ك، وهو مبلغ أقل بكثير من تكلفة الطالب في المدارس الخاصة!

هذا الرقم المهول لتكلفة الطالب لا يعكس واقعياً التدني الواضح في جودة التعليم بالمدارس الحكومية. فوفقاً للتقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونيسكو)، فقد سجلت الكويت إخفاقات كبيره في هذا المجال. كما أوضح التقرير السنوي العالمي للتنافسية 2015 - 2016، احتلال الكويت المرتبة 85 في مجال التعليم العالي والتدريب، والمرتبة 88 في جودة النظام التعليمي، والمرتبة 99 في مؤشر جودة تعليم الرياضيات والعلوم، والمرتبة 103 في جودة التعليم الأساسي!

لم تكن تلك المؤشرات مستغربة، لا لدي ولا لدى الكثيرين منا باعتقادي! ولا شك أن استمرار تزايد أعداد الطلبة الكويتيين الدارسين في المدارس الخاصة، والتي وصل عددهم إلى ما يقارب 60 ألفاً موزعين على المراحل الدراسية المختلفة، حسب بيانات إدارة التعليم الخاص بوزارة التربية، هو إشارة واضحه تعبر عن استياء فئة كبيرة لما يعانيه قطاع التعليم الحكومي من ضعف في المستوى وتراجع في الأداء وسوء في الإدارة وانخفاض في المستوى العلمي للمدرسين.

فلماذا لا يعي صاحب القرار أننا نعيش في أزمة تعليمية حقيقية أهم بكثير من أي شيء آخر ويعمل على إصلاح الحال، لعل وعسى أن نصبح كما أضحت سنغافورة!

***

جامعة الكويت ليست ببعيدة عن سوء التعليم في المدارس الحكومية، فوفقاً لتقييم موقع «ويب متركس» الشهير في تصنيف أفضل الجامعات وترتيبها على مستوى العالم، فقد احتلت المركز الرقم 1598 وفقاً لآخر تقييم صادر بداية العام الجاري!