عبدالله بن بخيت

تقول كتب التاريخ إن العرب تلقوا ثلاث هزائم على يد إسرائيل. حرب ثمانية وأربعين وحرب ستة وخمسين وحرب سبعة وستين وأخيرا حرب ثلاثة وسبعين التي انتصرت فيها مصر جزئيا.

حرب ثمانية وأربعين لم تكن حربا، كان جيش إسرائيل حديثا وقويا ومستعدا ومدعوما من كل الدول الغربية، مدعوما أيضا من الاتحاد السوفييتي. الجيش العربي مجرد تجميع جيوش من كل دولة عربية من باب رفع العتب. ثمة مؤرخين يقولون إن الجيش المصري دخل حرب تحرير فلسطين عام ثمانية وأربعين بهدف إفشال أطماع الهاشميين لبناء إمبراطورية تحت إمرتهم.

تلتها حرب ستة وخمسين. حرب مصرية خالصة لا علاقة لها بتحرير فلسطين. أمم جمال عبدالناصر قناة السويس وأسباب أخرى فقررت فرنسا وبريطانيا بمشاركة إسرائيل استعادة القناة وانتهت بانسحاب القوى الغازية بعد تهديد امريكي روسي.

في حرب سبعة وستين تنمر عبدالناصر بعد ملاحظات حول تحركات للجيش الإسرائيلي على الحدود السورية، فأغلق دون تدبر مضائق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية وطلب من قوات الأمم المتحدة الرحيل أو إعادة التموضع، فانتهزت إسرائيل الفرصة التي أعدت لها سنوات وأنقضت على مصر وسوريا والأردن وهزمتهم شر هزيمة. في حرب ثلاثة وسبعين هاجم الجيش المصري جيش إسرائيل الذي يحتل سيناء ويتمترس على الضفة الشرقية من قناة السويس بما عرف بخط بارليف. حركت هذه الحرب القضية وانتهت أن توصلت مصر إلى اتفاق صلح كامل مع إسرائيل فانقطعت علاقة مصر بدعوى تحرير فلسطين.

في الفترة منذ قيام إسرائيل إلى اتفاقية أوسلو التي أبرمت عام ثلاثة وتسعين ناوشت المنظمات الفلسطينية (العلمانية) إسرائيل وأقلقتها بالأعمال الفدائية. فجاء الصراع الأردني الفلسطيني لتعمد الأردن إلى أجلاء الفلسطينيين إلى لبنان، ثم اندلع صراع فلسطيني لبناني لتنقض إسرائيل على الفلسطينيين وتجليهم من لبنان إلى تونس واليمن وتنتهى بذلك حكاية الكفاح المسلح الفلسطيني.

في فترة السبعينات والثمانينات الميلادية من القرن الماضي حلت كلمة الجهاد محل كلمة النضال (الكافرة). انبرت جحافل الدعاة الإسلاميين المتعاظم أعدادهم وأعلنوا الحرب الشاملة على اليهود والنصارى والعلمانيين وأمريكا والبوذيين واليزيديين وشرق أفريقيا وصحراء مالي ووسط لندن وعمائر نيويورك ومبنى الأمن العام بالسعودية ومدينة الرقة السورية ومقدسات الطوائف الإسلامية الأخرى وباريس ومقديشو. اختاروا أسهل الطرق لتحرير القدس من رجس الصهاينة. أليس من واجبنا اليوم بعد جهادهم العظيم (من باب أضعف الإيمان) أن نبكي معهم على العدوان الإسرائيلي على غزة.