ملامح الصحافة الأميركية

 في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي، وتحت عنوان «الحرب الأوسع في سوريا»، استنتجت «واشنطن تايمز» أنه مع تنامي أعداد الخسائر في صفوف المدنيين السوريين، وفي ظل وجود 9 ملايين لاجئ سوري، تتجه الحرب الأهلية السورية نحو الأسوأ، وهذا السيناريو عادة ما يحدث في الحروب الأهلية. ولدى الصحيفة قناعة، بأن الانخراط الأميركي وأيضاً الإسرائيلي، في الحرب السورية تطور بات حتماً، وهذا يضيف بعداً جديداً للأزمة السورية، شبيهٌ بما وقع في الحرب الأهلية الإسبانية (1936- 1939)،

آنذاك قدم موسيلني وهتلر دعماً للقوميين الفاشيين في إسبانيا، وزودهم بالسلاح والخبراء العسكريين، في حين ظلت الدول التي عرفت في ما بعد بـ«الحلفاء» على الحياد، وكان هذا توطئة للحرب العالمية الثانية. وتقول الصحيفة: بإسقاط القوات الجوية الأميركية طائرة تابعة لقوات بشار الأسد، تكون الولايات المتحدة، قد تدخلت لأول مرة بصورة مباشرة في الحرب السورية، مدشنة جداراً دفاعياً لحماية مصالحها فقط. وحسب الصحيفة، فإن إدارة ترامب تتجنب خوض نزاع ضد روسيا وإيران، خاصة وأنهما تدعمان الأسد، كما أن إسرائيل المجاورة تحاول أن تبقى على الحياد، لكنها وجهت خلال الآونة الأخيرة نيران مدفعيتها صوب شمال الجولان، لأن عناصر من «داعش» تتسرب من داخل سوريا، علماً بأن «داعش» و«حزب الله» تنظيمان إرهابيان وفي الوقت نفسه، عدوّان لإسرائيل. وترى الصحيفة أن سوريا الآن تشكل اختباراً صعباً لسياسة ترامب الخارجية، وضمن هذا الإطار، تهدد إدارة ترامب بالتدخل المباشر في الحرب إذا استخدم الأسد أو القوات الموالية له والمدعومة من روسيا وإيران، أسلحة كيمياوية ضد السكان المدنيين العُزل،

وهو تهديد يُعد في الوقت ذاته اختبار لسياسة «عدم التدخل» التي اعتبرها ترامب أساساً لمبدأ «أميركا أولاً». وتضع الولايات المتحدة الأسلحة الكيماوية السورية ضمن دائرة اهتمامها، لأن هذا النوع من الأسلحة في ظل الفوضى العارمة في سوريا سيزيد من عدد الضحايا المدنيين بوتيرة دراماتيكية، كما أن الصراع الدائر من أجل السيطرة على المدن السورية يتسبب في خسائر جسيمة في النساء والأطفال، ما يؤثر ويضغط بقوة على سياسات الإدارة الأميركية وأيضاً الرأي العام الأميركي. صحيح أن إدارة ترامب تُضفي بعضاً من الغموض على خياراتها معتبرة ذلك تكتيكاً، لكن لدى العالم قناعة بأن واشنطن تتبنى سياسة ثابتة ضد انتشار الأسلحة الكيمياوية في سوريا. وتختم الصحيفة افتتاحيتها بالقول: إن الألمان واليابانيين لم يستخدموا السلاح الكيمياوي في ربيع وصيف عام 1945، أي عندما ساءت أوضاعهم العسكرية في مواجهة "الحلفاء"، لكن إذا كسرت سوريا هذا «التابو» واستخدم الأسد السلاح الكيمياوي في حال تعرض لخطر حقيقي، فإنه سيحاكم - في حال نجاته- كمجرم حرب.

«بلومبيرج فيو»

تحت عنوان «بريطانيا وأوروبا يستطيعان التخلص من أولى عقبات بريكست»، نشرت «بلومبيرج فيو» افتتاحية، استهلتها بالقول إن المهمة الأولى للأشخاص المنخرطين في التفاوض حول الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي تكمن في الاتفاق على ضمان حقوق المواطنين الأوروبيين في بريطانيا، وأيضاً ضمان حقوق المواطنين البريطانيين في الاتحاد الأوروبي. وحسب «بلومبيرج فيو» يعيش في بريطانيا 3.2 مليون أوروبي، بينما يوجد في دول الاتحاد الأوروبي 1.2 مليون مواطن بريطاني. وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يضفي حالة من الشكوك حول إقامة هؤلاء المواطنين وحقوقهم في المستقبل، بما في ذلك قدرتهم على الاستفادة من الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات، ومن الأفضل أن يتمتع المواطنون البريطانيون بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الأوروبيون. لكن ضمان تفعيل هذا الحل يبدو أمراً أصعب مما يعتقد البعض، ذلك لأن الاتحاد الأوروبي يريد أن يحظى مواطنوه بالحقوق ذاتها التي يتمتعون بها في مناطق أخرى داخل الاتحاد الأوروبي،

لكن بعضاً من هذه الحقوق تفوق ما يحظى به البريطانيون في بلادهم. على سبيل المثال، المواطن البريطاني لا يستطيع أن يجلب زوجة من خارج دول الاتحاد الأوروبي إلا إذا كانت الحد الأدنى لدخله السنوي لا يقلّ عن 18600 جنيها إسترلينياً أو 23765 دولاراً أميركياً، وبعد خروج بريطانيا من الاتحادالأوروبي سيؤدي هذا لشرط إلى المساس بحقوق مواطني دول الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا. على صعيد آخر، تسعى بريطانيا إلى استرداد سيادتها من المؤسسات الأوروبية خاصة «محكمة العدل الأوروبية»، وممارسة كامل سطوتها على القضايا المتعلقة بمواطنيها داخل المحكمة. وربما يتم إنشاء جهاز قضائي جديد لحماية حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي المقيمين في بريطانيا، وهو اقتراح سبق وأن طرحته رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي والوزير «ديفيد دافيس» المعني بملف «بريكست». لاشك أن «الخروج» ضربة قاسية خاصة بالنسبة لبريطانيا، لكن لا داعي لجعل الأمور تزداد سوءاً.

«نيويورك تايمز»

«عندما تصبح أسلحة الفضاء السيبراني مفقودة».. عبارة عنونت بها «نيويورك تايمز» افتتاحيتها أول أمس، مشيرة إلى أن العالم شهد خلال الشهور القليلة الماضية هجومين الكترونيين كبيرين تسببا في تعطيل عشرات الآلاف من أجهزة الحاسوب التي تعمل في المستشفيات ومحطات الطاقة النووية ومؤسسات الأعمال.. الهجومان كانا بغرض الحصول على فدية مقابل إطلاق سراح البيانات المقرصنة، لكن بغض النظر عن الأهداف التي سعى إليها منفذو هذا النوع من الهجمات «السيبرانية» باستخدام الفيروسات الإلكترونية، سواء كانت من أجل المال أو لأغراض سياسية أو حتى لمجرد إشاعة أجواء من الفوضى، فإنها باتت على درجة كبيرة من الضبابية. والشيء الوحيد الواضح- كما تقول الصحيفة- هو أن الأسلحة التي تم استخدامها في الهجمات تم تطويرها داخل وكالة الأمن القومي، لكنها سُرقت من الوكالة. وحسب الصحيفة، فإن «بارد سميث» رئيس شركة «مايكروسوفت» لفت الانتباه إلى أن سرقة «أسلحة الفضاء السيبراني» تعادل في خطورتها سرقة صواريخ «توماهوك» من القوات الأميركية، ووجه نقداً للحكومة الأميركية كونها تقوم بتخزين أسلحة إلكترونية معرضة للاختراق. والمشكلة أن وكالة الأمن القومي الأميركية فشلت في تقديم المساعدة اللازمة من أجل تحديد الثغرات الموجودة في هذا النوع من الأسلحة أو (البرمجيات)، وفي الوقت ذاته لم تعترف بوجود هذه الأسلحة لديها ولم تقر بتعرضها للسرقة.