فاتح عبد السلام

نسمع‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬تصريحات‭ ‬من‭ ‬مسؤولين‭ ‬أو‭ ‬سياسيين‮ ‬‭ ‬متنفذين‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬يعرضون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الوساطة‭ ‬لتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬ايران‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬ذات‭ ‬الشأن‭ ‬الخلافي‭ ‬مع‭ ‬الايرانيين‭ . ‬ويبدو‭ ‬ان‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يطلقون‭ ‬الكلام‭ ‬على‭ ‬كواهنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمحيص‭ ‬او‭ ‬تدقيق‭ ‬او‭ ‬دراية‭ ‬بمجريات‭ ‬الامور‭ . ‬هم‭ ‬يظهرون‭ ‬بامتياز‭ ‬جهلهم‭ ‬بشروط‭ ‬ان‭ ‬يكونوا‭ ‬وسيطاً‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭ ‬متنازعين‭ .‬

اذا‭ ‬كانوا‭ ‬يظنون‭ ‬ان‭ ‬مقبوليتهم‭ ‬عند‭ ‬ايران‭ ‬التي‭ ‬يرتبط‭ ‬بعضهم‭ ‬معها‭ ‬بعلاقات‭ ‬عسكرية‭ ‬واستخبارية‭ ‬وأمنية‭ ‬قبل‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬،‭ ‬تعني‭ ‬امكانية‭ ‬توافر‭ ‬مقبولية‭ ‬مماثلة‭ ‬لدى‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬عربي‭ ‬،مهما‭ ‬كان‭ ‬قريب‭ ‬المصالح‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬الان‭ ‬،‭ ‬فهذا‭ ‬وهم‭ ‬كبير‭ . ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬السياسيين‭ ‬بالعراق‭ ‬لم‭ ‬يعملوا‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬،وعبر‭ ‬توافر‭ ‬مئات‭ ‬الفرص‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬كحكومات‭ ‬فحسب‭ ‬وانما‭ ‬كشعوب‭ .‬

‮ ‬كما‭ ‬انهم‭ ‬يقفون‭ ‬في‭ ‬اعلامهم‭ ‬وندواتهم‭ ‬واجتماعاتهم‭ ‬وتصريحاتهم‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬ايراني‭ ‬ضد‭ ‬بعض‭ ‬الانظمة‭ ‬العربية‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬بهم‭ ‬يعرضون‭ ‬الوساطة‭ ‬لاحقاً‭ ‬ولم‭ ‬ينس‭ ‬أحد‭ ‬بعد‭ ‬انهم‭ ‬كانوا‭ ‬خصوماً‭ .‬

وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬العراق‭ ‬الى‭ ‬واجهة‭ ‬جديدة‭ ‬للعلاقات‭ ‬العربية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الدولية‭ ‬،‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬التدخل‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬تحالف‭ ‬عسكري‭ ‬ومستشارين‭ ‬لايحتاج‭ ‬الى‭ ‬استئذان‭ ‬من‭ ‬احد‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬موصدة‭ ‬امام‭ ‬العراقيين‭ ‬بسبب‭ ‬من‭ ‬جمود‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للبلد،‭ ‬بل‭ ‬غيابها‭ ‬غالباً‭ .‬

الوسيط‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يتوافر‭ ‬على‭ ‬ميزة‭ ‬يفتقدها‭ ‬المتخاصمون‭ ‬او‭ ‬ينظرون‭ ‬اليها‭ ‬باحترام‭ ‬وتقدير‭ ‬ومراعاة‭ ‬في‭ ‬اقل‭ ‬احتمال‭ . ‬ياترى‭ ‬هل‭ ‬يمتلك‭ ‬المتحدثون‭ ‬على‭ ‬الوساطة‭ ‬بالعراق‭ ‬تلك‭ ‬الميزة‭ ‬،‭ ‬أو‭ ‬أية‭ ‬ميزة‭ ‬؟‭ .‬