علي بن حمد الخشيبان

منذ ثمانين عاماً تقريبا وجماعة الاخوان المسلمين في مصر تحديدا يفكرون في الوصول الى الحكم ولكن على الجانب الآخر لم يفكر قادتهم ولو لدقائق عن الكيفية التي سوف يديرون فيها السياسة في حال وصولهم الى معترك الحكم في أي من البلدان التي يستهدفونها، لم تدرك الجماعة أن النضج السياسي اهم بكثير من الوصول، وهنا كان تكمن الخطورة عندما يتقدم للمهمة السياسية فئات غير قادرة على مجرد التفكير في آليات إدارة المجتمعات كبناء سياسي.

هذه المنظمة التي بنت تكوينها السياسي من خلال تغليفه بالمادة الإسلامية تدرك انها لم تكن ترغب في أن تحاكي التنظيمات الحزبية في الدول الديمقراطية بل لاتريد ذلك، فتنظيم جماعة الاخوان كان يراهن على مسارين ليس لهما علاقة مباشرة بالاطار السياسي الطبيعي، المسار الأول كان يعتمد ركوب الأوطان من اجل تصفية الحسابات الشخصية وتبني اهداف تخص الجماعة، ثانيا تحاشي تقديم أي مشروع سياسي يمكن أن يختلف عليه الاتباع لذلك كان الشعار المستخدم هو فكرة الخلافة من خلال الثورة والفوضى دون توضيح لهذه الفكرة.

جماعة الاخوان المسلمين لديها هدف محدد في دول الخليج هذا الهدف يتمثل في استهداف المجتمعات الخليجية عبر إغرائها بفكرة «الخلافة» من أجل خلق الفوضى وإرباك تلك المجتمعات سياسياً وعقدياً..

بعد ثمانين عاماً تقريبا على وجود هذا التنظيم ينتشر هذا التنظيم في العالم على صيغتين الأولي سياسية، والثانية أيديولوجية فعلى سبيل المثال ينتشر تنظيم الاخوان بشكل سياسي في اكثر من خمس عشرة دولة عربية مما يعني اكثر من خمسين بالمائة من الدول العربية، كما ينتشر بشكل أيديولوجي في دول إسلامية كثيرة في العالم، ولكن الملاحظ أن النشاط السياسي لتنظيم الاخوان في الدول الإسلامية ذات النهج الديمقراطي المعتاد على تداول السلطة يختفي عن الظهور ويكتفي بالجانب الوعظي وتنظيم المؤتمرات التحريضية ضد السلطة السياسية في الدول العربية ومن بينها دول الخليج.

السؤال المهم يقول لماذا تشكل جماعة الاخوان المسلمين خطورة بالغة على دول الخليج..؟، في الحقيقة أن جماعة الاخوان المسلمين لديها هدف محدد في دول الخليج هذا الهدف يتمثل في استهداف المجتمعات الخليجية عبر اغرائها بفكرة " الخلافة" من اجل خلق الفوضى وإرباك تلك المجتمعات سياسيا وعقديا، وقد ادركت الدول الخليجية خطورة فكرة الاخوان منذ وقت مبكر عدا قطر التي أصبحت الحضن الدافئ للإخوان وشكلت بذلك خطورة على نفسها والمنطقة، فتنظيم الاخوان الذي يقدم نفسه كتنظيم عالمي يعتمد فكرة " الأممية " في تبني الاتباع واصبح عاجزا حتى عن تداول السلطة داخل التنظيم فكل الذين يسيطرون عليه يأتون من ذات المرجعية وطنيا وفكريا.

ومع أن جماعة الاخوان المسلمين حاولت تقديم نفسها في الخليج كتيار توعوي تربوي، ولكن ذلك لم يكن صحيحا فبعد ان استطاع التنظيم ان يخترق السلطة في قطر أصبحت الجماعة تمارس دورا تحريضيا على بقية دول الخليج، واستخدمت بذلك كل الإمكانات التي اتيحت لها من جانب القيادة في قطر التي عملت على ابرام صفقة سياسية مع جماعة الاخوان بحيث يتم حل التنظيم في قطر حتى لايشكل خطرا على السلطة السياسية، على ان تقدم الحكومة القطرية دعمها الكامل للجماعة ومشروعاتها السياسية التحريضية.

الصورة تشكلت بوضوح عن جماعة الاخوان وخصوصا فيما بعد الثورات في العالم العربي، حيث وقف مرشد الجماعة الحقيقي القرضاوي محرضا على تكريس تلك الثورات وتدمير الدول العربية، لقد اصبح الاخوان جسرا شرعيا للفوضى ونشر الإرهاب في العالم العربي تحت مظلة دينية، وكان هذا الخطر يقترب اكثر من دول الخليج التي ادركت ان قطر تلعب بنار ستكون هي اول ضحاياها، لهذا السبب فإن صرامة الموقف الخليجي من قطر يأتي في اطار الاخذ على يد المتهور الذي يمكن ان يؤدي تهوره الى الاضرار بالجميع دون استثناء.