أحمد الفراج

كان قرار مقاطعة قطر من قِبل المملكة وحلفائها أمراً إجبارياً، اضطرت له في النهاية، بعد أن وصلت هذه الدول إلى قناعة بأنّ الكي هو آخر الدواء، وذلك بعد كل استراتيجيات الكذب والتحايل، والتصعيد، والهروب للأمام، الذي مارسته قطر على مدى فترة طويلة، أي منذ قيام قطر الجديدة، أو قطر حمد، منتصف تسعينات القرن الماضي، إذ انتهجت خطاً سياسياً تصعيدياً ضد جيرانها، وشركائها في المسير، عماده التخبط والتناقض، وبث الفرقة، وإثارة القلاقل، ورغم أن هناك من تحفّظ على عدم تصعيد المملكة وحلفائها ضد قطر، بعد ردها السلبي على شروط تحالف المقاطعة، بداية هذا الأسبوع، إلا أنني أرى أنّ المقاطعة بحد ذاتها كافية، فعامل الوقت ليس في صالح قطر، وملف الإرهاب الذي تدعمه أصبح تحت المجهر الدولي، وبالتالي فالمملكة وحلفائها ليسوا بحاجة للتصعيد، وقد بدأنا نشهد بعض الأمور الإيجابية من المقاطعة مؤخراً وبشكل واضح.

ففي المملكة، تمايزت الصفوف، منذ بداية المقاطعة، وبدا واضحاً من الذي يقف مع الوطن، ومن الذي لم يكتف بالتلكؤ عن دعم بلاده، بل وأعلن دعمه لقطر!، وهنا نتحدث عن الحزبيين السعوديين، الذين كانوا، ومنذ سنوات، يترددون على كعبة المضيوم، كما يسمونها، وتملأ جيوبهم بالأصفر الرنان، بكل الطرق الممكنة، فقد فضحتهم هذه الأزمة، وكشفتهم على رؤوس الأشهاد، فمنهم من شتم الإعلام السعودي، وسمى المثقفين الوطنيين بالمرتزقة، ومنهم من هرب من تويتر، والمؤلم أنّ بعض هؤلاء الحزبيين كانوا محل ثقة، فقد كانوا يتلونون، ويدّعون الوطنية. هذا، ولكن أزمة قطر جعلتهم على المحك رغماً عنهم، فرسبوا في امتحان الوطنية بشكل فاقع، ولم تكن هذه هي الحسنة الوحيدة من قرار مقاطعة قطر.

إنّ أهم إيجابيات مقاطعة قطر كانت تسليط الضوء دولياً على ملف دعم الإرهاب والفكر المتطرف، فخلال الفترة الماضية، كانت معظم عواصم الغرب تناقش هذا الملف الهام ، وتبحث في أضابيرها عن حقيقة السياسات القطرية، وشهدنا تطورات كانت خافية فيما مضى، فعندما تقرر المملكة وحلفاؤها، الإمارات ومصر والبحرين، وهي الدول ذات الثقل الإقليمي والعالمي، عزل دولة تنتمي لمجلس التعاون الخليجي، بسبب دعمها للإرهاب وللتنظيمات الإرهابية، فإنه يكون لزاماً على كل دول العالم المهمة أن تأخذ الأمر بكل جدية، وهذا ما حدث بالفعل، وهو تطور كبير كنا ننتظره منذ زمن طويل، فالغرب الذي عانى من ويلات الإرهاب مؤخراً، يهمه أن يعرف كل ما يتعلق بهذا الملف الخطير، خصوصاً ما يتعلق بالدعم المالي للتنظيمات الإرهابية، ولأنّ حسنات قرار مقاطعة قطر أكثر من أن نحصرها في مقال واحد، فسنواصل الحديث عن ذلك بكل تأكيد!.