إليان حداد 

يخوض المغامر اللبناني مايكل حداد تحديه الرابع للإعاقة من خلال قراره «المجنون» اجتياز 100 كيلومتر في القطب الشمالي، وذلك لأهداف أبعد من تسجيل رقم قياسي. فحداد مصمم على خوض هذه المغامرة، أولاً ليثبت للعالم أن لا مستحيل مع الإرادة والتصميم والعزيمة، وثانياً للإضاءة على أخطار التغير المناخي الذي يؤثر في شكل سلبي على الطبيعة والبشر، وثالثاً ليكون جزءاً من مشروع علمي وبحثي يعمل عليه باحثون من كليتي الهندسة والطب في الجامعة اللبنانية – الاميركية (LAU) في بيروت.

من السراي الحكومية في بيروت وفي حضور شخصيات سياسية على رأسهم رئيس الوزراء سعد الحريري، واجتماعية وأكاديمية وصحافية، أطلق أمس حداد مشروعه الذي سيكتمل العام المقبل، متحدياً كل من شكك بقدراته الجسدية التي، في رأيهم، ستمنعه من تحقيق حلمه. فمايكل يعاني الشلل من صدره إلى قدميه منذ أن تعرض لحادث عندما كان في السادسة من العمر، وقال له الأطباء إن عودته إلى حياته الطبيعية مستحيلة، إلا أن والديه أبيا أن يتوقفا عن معالجته. فسافرا به إلى لندن والولايات المتحدة، إنما كانت جهودهما دون جدوى، ما جعله أسير الفراش والكرسي النقال فترة طويلة. ولكن بعدما عانى كثيراً الوحدة والحزن وسيطر اليأس على حياته بجوانبها المختلفة، قرر أن يثور على واقعه عبر التخلي عن كرسيه الذي سجنه سنوات. ولكن هذا الامر لم يكن بالهيّن، فقد كان مجبراً على «ارتداء» جهاز من حديد ليستطيع المشي ولو خطوة واحدة. وبعد جهد وسقطات بدنية ونفسية متتالية، نجح مايكل في صعود درجة، ما أعاد إليه الأمل وزرع في نفسه رسالة تعميم السلام والإنسانية، عبر التحديات والمغامرات التي تعتبر صعبة و «شبه مستحيلة» لشخص يعاني الشلل.

بدأ مايكل تدريباته الرياضية القاسية اليومية واضعاً رسالته هدفاً نصب عينيه، وقد تفرّعت منها مشاريع كثيرة، كانت كلّها مشغولة بحماسة لا توصف جعلته مغامراً في المشي والتسلق. حقق إنجازه الاول في 24 تشرين الاول (أكتوبر) 2013، بعد اجتياز 19 كيلومتراً بـ60 ألف خطوة بدءاً من غابات بشرّي وصولاً إلى محمية أرز تنورين في شمال لبنان، للإضاءة على موضوع زرع الأشجار في لبنان الذي يكاد يخلو منها. أما الإنجاز الثاني فحققه بعدما تسلّق صخرة الروشة في بيروت في 8 حزيران (يوليو) 2014 للإضاءة على موضوع حماية الثروة السمكية في لبنان. وحقق الإنجاز الثالث في 8 آذار (مارس) 2015، بعدما وصل إلى قمة «القرنة السوداء» وهي أعلى قمة في لبنان والمشرق.

كل تلك الإنجازات التي حققها مايكل حداد دفعت الأوساط العلمية إلى البحث في الأسباب الكامنة وراء قدراته الفريدة. واليوم، يتعاون مايكل مع مؤسسات علمية كبرى في المجالين الطبي والهندسي في مسعى إلى إيجاد علاج للذّين يعانون الشلل، أو في الحالات المستعصية، توفير أدوات تساعدهم على عيش حياتهم بلا حاجة إلى كرسي مدولب أو معدات لقيادة السيارة.